التي مدركها حكم العقل لا الأخبار ، لقصورها عن إفادة اعتبارها ، كالبراءة والاحتياط والتخيير ، لا إشكال في عدم جريانها في مقابل خبر الثقة ، بعد الاعتراف ببناء العقلاء على العمل به في أحكامهم العرفيّة ؛ لأنّ نسبة العقل في حكمه بالعمل بالاصول المذكورة إلى الأحكام الشرعيّة والعرفيّة سواء.
____________________________________
وطرحها حراما.
(لأن الاصول التي مدركها حكم العقل لا الأخبار ، لقصورها عن إفادة اعتبارها).
إنّ اعتبار الاصول :
تارة : يكون بحكم العقل لا بالأخبار لقصور دلالة الأخبار على اعتبارها ، كالبراءة والاحتياط والتخيير.
واخرى : يمكن أن يكون مدركها الأخبار ، كالاستصحاب ، على القول بأنّ الدليل على حجّيته هو الأخبار لا العقل.
فإذا كان الأصل من القسم الأوّل بأن كان الدليل على حجّيته العقل لا يجري في مورد خبر الثقة على خلافه ؛ وذلك لأن استقرار سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة يكون كاشفا عن حكم العقل بعدم حجّيته ، فلا يجري في مقابله الاصول ؛ لأن العقل إنّما يحكم بحجّيتها في غير صورة خبر الثقة على خلافها ، وحينئذ لا تكون حجّة.
فالأخذ بخبر الثقة وإن كان موجبا لطرح الأصل ولكن طرح الاصل ليس بحرام حتى يكون العمل به حراما.
قوله : (لأن نسبة العقل في حكمه بالعمل بالاصول المذكورة إلى الأحكام الشرعيّة والعرفية سواء).
دفع لما يتوهّم من أنّ حكم العقل بوجوب الأخذ بخبر الثقة وطرح الاصول عند تعارضها معه مختصّ بأحكامهم العرفية ، وامورهم العادية ، وأمّا في الأحكام الشرعية فيحكم العقل بحجّية الاصول مطلقا ، وحينئذ يكون الأخذ بخبر الثقة محرّما لكونه موجبا لطرح ما هو الحجّة.
وحاصل الدفع : إنّ العقل لا يفرق في حكمه بحجّية الاصول بين الشرعيات والعرفيات ، فإذا حكم بحجّيتها عند عدم خبر الثقة على خلافها حكم بها ـ كذلك ـ في الأحكام