وليس هذا كلّه إلّا من جهة أنّ الفعل لا دلالة فيه على الوجه الذي يقع عليه ، فلا بدّ في الاتفاق العملي ، من العلم بالجهة والحيثيّة التي اتفق المجمعون على إيقاع الفعل من هذه الجهة والحيثيّة ، ومرجع هذا إلى وجوب إحراز الموضوع في الحكم الشرعي ، المستفاد من الفعل.
ففيما نحن فيه : إذا علم بأنّ بعض المجمعين يعملون بخبر من حيث علمه بصدوره بالتواتر أو بالقرينة ، وبعضهم من حيث كونه ظانّا بصدوره قاطعا بحجّية هذا الظنّ ، فإذا لم يحصل لنا العلم بصدوره ولا العلم بحجّية الظنّ الحاصل منه ، أو علمنا بخطإ من يعمل به لأجل مطلق الظنّ ، أو احتملنا خطأه ، فلا يجوز لنا العمل بذلك الخبر تبعا للمجمعين.
____________________________________
ولو علم اتّفاقهم على العمل بالخبر فإنّ اتّفاقهم هذا على الحجّية لم ينفع الغير وذلك لاحتمال انتفاء جهة العمل في غيرهم ، مثل جواز نظر جماعة إلى امرأة لكونها امّا للبعض واختا للآخر وبنتا للثالث وزوجة للرابع ، وهكذا ، ولا يجوز لغيرهم ممّن لا محرميّة بينها وبينه أن ينظر إليها من جهة اتفاق الجماعة كما لا يخفى.
وهذا الاحتمال موجود في المقام لأن المجمعين مختلفون في وجه العمل ، فبعضهم يعمل بهذه الأخبار لكونها معلومة بالتواتر أو بالقرائن ، وبعضهم الآخر يعمل بها لأجل الظن بصدورها ، وهو ممّن يقول بحجّية الظن ، وهكذا ، فإذا علمنا بخطإ بعضهم أو احتملناه لا يجوز لنا العمل بذلك الخبر الذي عملوا به تبعا لهم.
هذا تمام الكلام في بحث الظن من كتابنا «دروس في الرسائل» وسيتلوه البحث عن البراءة والاشتغال إن شاء الله تعالى.
وقد فرغت من تسويد هذه الأوراق في ليلة السابع من شهر رمضان المبارك سنة ١٤٠٩ هجرية في جوار السيدة زينب سلام الله عليها.
ومن باب من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق أرفع راية الشكر والثناء إلى حضرة حجّة الإسلام والمسلمين السيد محسن الخاتمي ، أدام الله بقاءه الشريف ، حيث شجعني على إكمال الكتاب.
ونسأل الله أن يوفقني بتنظيم وترتيب بقية أبحاثي في الرسائل.
غلام علي بن محمد حسين ، المدعو بمحمدي البامياني
والحمد لله أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا