دليل أصل البراءة مثلا ، فيخرج عنه به. وكون دليل تلك الأمارة أعمّ من وجه ـ باعتبار شموله لغير مورد أصل البراءة ـ لا ينفع بعد قيام الإجماع على عدم الفرق في اعتبار تلك الأمارة بين مواردها.
____________________________________
الأدلة العلمية تكون واردة على الاصول مطلقا ، شرعية كانت ، أو عقلية.
والحاصل أنّه يمكن إطلاق الخاص على الدليل الظني ، وإطلاق العام على الأصل الشرعي حقيقة ، وذلك لأنّ موضوع الأصل الشرعي هو عدم العلم الشامل للشك والظن معا ، فيكون الدليل الظني أخصّ من الأصل الشرعي ، وحينئذ إذا قام الدليل الظني على حرمة شيء ، وكان مقتضى الأصل ، كقوله عليهالسلام : (كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه) (١) هو الحليّة ، والإباحة ، كان الدليل مخصّصا له حيث يكون نتيجة الجمع بينهما هي أنه كلّ شيء حلال إلّا ما دلّ خبر الثقة على حرمته.
وقوله : (وكون دليل تلك الأمارة أعمّ من وجه ـ باعتبار شموله لغير مورد أصل البراءة ـ لا ينفع بعد قيام الإجماع على عدم الفرق في اعتبار تلك الأمارة) حينئذ(بين مواردها).
دفع لما يتوهّم من أنّ النسبة بين الأدلة الدالة على حجّية الخبر ، وبين أدلة اعتبار الاصول ليست هي عموم مطلق حتى يقال بتقديم أدلة الخبر على أدلة الاصول بالتخصيص ، بل هي عموم من وجه ، فحينئذ نأخذ بمقتضى القاعدة في مادة الاجتماع ، ومقتضاها هو ترجيح إحداهما على الاخرى إن كان هناك مرجّح لأحدهما ، وإلّا فهو التخيير ، وعلى التقديرين ليس الحكم التخصيص ، فالحكم بالتخصيص غير صحيح ، وأمّا كون النسبة عموما من وجه ، فلاجتماعهما في مثال شرب التتن إذا دلّ خبر الثقة على الحرمة مع أنّ الأصل يقتضي الحلّية ، ولافتراق ما دلّ على حجّية الخبر في مورد العلم الإجمالي ، كما إذا دلّ خبر الثقة على وجوب الظهر معيّنا مع أن للمكلّف علما إجماليا بوجوب الظهر أو الجمعة ، كان الدليل الظني فقط حيث لا يجري الأصل في أطراف العلم الإجمالي ، ولافتراق الأصل فيما إذا لم يكن الخبر على خلافه.
وحاصل الدفع لهذا التوهّم هو أنّ كون الدليل الدال على اعتبار الأمارة أعمّ من وجه ،
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٨ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ١.