فإنّ الإخبار بنفي التعذيب إن دلّ على عدم التكليف شرعا فلا وجه للثاني ، وإن لم يدلّ فلا وجه للأول.
____________________________________
المستقل ، وبذلك ينفك حكم العقل عن حكم الشرع حيث يوجد الأول دون الثاني ، فثبت عدم الملازمة ، وعدم حجّية العقل لعدم العقاب على مخالفته.
ومنها : تقريب ردّ عدم الملازمة بإثبات الملازمة ، كما أشار إليه بقوله :
(بأنّ نفي فعليّة التعذيب أعمّ من نفي الاستحقاق).
فنفي فعليّة العذاب لا يستلزم نفي الاستحقاق ، لأنّ فعلية العقاب أخصّ من الاستحقاق ونفي الأخصّ لا يدل على نفي الأعمّ ، كما في علم المنطق أن نقيض الأخصّ أعمّ من نقيض الأعمّ.
والحاصل إن نفي فعليّة العقاب قبل البيان النقلي لا ينافي استحقاقه بالبيان العقلي ، فالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ـ حينئذ ـ وإن لم تكن ثابتة في مرحلة فعليّة العقاب إلّا إنّها ثابتة في مرحلة استحقاقه.
ومنها : تقريب الاستدلال بها على البراءة ، وقد تقدم التقريب ، فلا حاجة إلى التكرار.
إذا عرفت هذه الامور يتضح لك لزوم التناقض من الجمع المذكور ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(فإنّ الإخبار بنفي التعذيب إن دلّ على عدم التكليف شرعا فلا وجه للثاني).
أي : لردّ الاستدلال بها على عدم الملازمة ، بل الاستدلال بها على عدم الملازمة صحيح ، إذ نفي التكليف شرعا
مستلزم لنفي استحقاق العذاب ، إذ العذاب ناشئ عن التكليف ، فإذا انتفى التكليف كما هو المفروض لم يعقل العذاب لا فعلا ولا استحقاقا ، فكيف يلازم حكم الشرع حكم العقل مع تحقق الثاني دون الأول؟!
(وإن لم يدلّ فلا وجه للأول).
أي : وإن لم يدل الإخبار بنفي التعذيب على عدم التكليف شرعا فلا وجه للتمسك بها على البراءة ، إذ البراءة عبارة عن نفي الحكم والتكليف شرعا ، والمفروض أنّ الآية لا تدل على ذلك.
وبالجملة ، لا يمكن الجمع بين الاستدلال بها على البراءة وبين ردّ الاستدلال بها على