فإنّ حرمة شرب التتن ـ مثلا ـ ممّا لا يعلمون ، فهي مرفوعة عنهم ، ومعنى رفعها ـ كرفع الخطأ والنسيان ـ رفع آثارها أو خصوص المؤاخذة ، فهو نظير قوله عليهالسلام : (ما حجب الله علمه
____________________________________
ومنها : أن يكون المراد بالآثار المرفوعة بحديث الرفع هي الآثار التي تعرض على موضوعاتها من دون أن تكون مقيّدة بوجود أحد هذه العناوين ولا بعدمها ، إذ لو كانت مقيّدة بوجودها لكانت الآثار ثابتة عند وجود هذه العناوين ، كوجوب سجدتي السهو عند زيادة شيء أو نقصانه في الصلاة نسيانا مثلا ، وذلك لأنّ ثبوت العنوان حينئذ يقتضي وضع الأثر لا رفعه.
وأمّا لو كانت مقيّدة بعدم أحد هذه العناوين ، كانت الآثار مرفوعة بارتفاع موضوعها بلا حاجة إلى حديث الرفع ، كالكفّارة في شهر رمضان مثلا ، حيث تكون مقيّدة بعدم كون الإفطار نسيانا فترتفع إذا كان الافطار نسيانا ويكون ارتفاعها بارتفاع الموضوع ، لأنّ موضوعها هو الإفطار عن عمد ، كما هو واضح.
ومنها : إنّ حديث الرفع حيث ورد في مقام الامتنان على الامّة يكون مختصّا في رفع ما كان في رفعه منّة على الامّة فقط دون غيره.
ومنها : أن يكون المراد بالموصول في (ما لا يعلمون) هو خصوص الحكم المجهول حتى تكون الشبهة شبهة حكميّة ، أو الأعمّ من فعل المكلّف الذي هو الموضوع ومن الحكم حتى يشمل الشبهة الموضوعية أيضا ، وعلى التقديرين يصحّ الاستدلال به على البراءة.
إذا عرفت هذه الامور يتضح لك تقريب الاستدلال بهذا الحديث في إثبات البراءة ، وذلك لأنّ رفع خصوص المؤاخذة ، أو جميع الآثار عن مخالفة الحكم المجهول مستلزم لرفع الحكم المجهول تنجّزا وإن كان باقيا في الواقع في مرتبة الشأنيّة ، لئلّا يلزم التصويب ، فالشارع قد يرفع تنجّز التكليف بواسطة رفع الآثار ، ومرجع رفع التنجّز هو عدم وجوب الاحتياط منّة منه على الامّة وتسهيلا للأمر عليهم.
وبقي هنا سؤال وهو : إنّ المصنّف قدسسره لما ذا حكم برفع المؤاخذة المستلزم لرفع التكليف ، ولم يحكم برفع التكليف من الأول كالسيد الخوئي ـ دام ظله ـ حيث حكم برفع الحكم المجهول؟ ولعلّه كان نظره إلى حفظ وحدة السياق لأنّ المرفوع في سائر الفقرات