العزيز أيضا ، فإنّ موارد الإشكال فيها ـ وهي الخطأ والنسيان وما لا يطاق وما اضطرّوا إليه ـ هي بعينها ما استوهبها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من ربّه ، جلّ ذكره ، ليلة المعراج ، على ما حكاه الله تعالى عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في القرآن بقوله تعالى :
(رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا).
والذي يحسم أصل الإشكال منع استقلال العقل بقبح المؤاخذة على هذه الامور بقول مطلق ، فإنّ الخطأ والنسيان الصادرين من ترك التحفّظ لا تقبح المؤاخذة عليهما ، وكذا المؤاخذة على ما لا يعلمون مع إمكان الاحتياط ، وكذا التكليف الشاقّ الناشئ عن اختيار المكلّف. والمراد بما لا يطاق في الرواية هو ما لا يتحمّل في العادة ، لا ما لا يقدر عليه أصلا ،
____________________________________
(لكنّ الذي يهوّن الأمر في الرواية جريان هذا الإشكال في الكتاب العزيز أيضا).
أي : والذي يوجب ضعف الإشكال في الرواية وروده بعينه على الكتاب العزيز ، حيث استوهب نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله من الله تعالى رفع المؤاخذة بواسطة الخطأ والنسيان ، على ما حكاه الله تعالى عنه صلىاللهعليهوآله في القرآن حيث قال : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً) أي : أمرا يثقل علينا من الشدائد والبلايا (كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ)(١) أي : ربّنا ولا تكلّفنا بما لا نطيقه.
والمستفاد من هذه الآية هو عدم قبح المؤاخذة عقلا على هذه الامور ، وإلّا لم يكن معنى لطلب النبيّ صلىاللهعليهوآله رفع المؤاخذة على هذه الامور ، وبهذا التقريب يصح أن يقال بأنّ رفع المؤاخذة على هذه الامور يكون من خواصّ هذه الامّة منّة عليهم ، فتأمّل تعرف.
(والذي يحسم أصل الإشكال منع استقلال العقل بقبح المؤاخذة على هذه الامور بقول مطلق).
وملخّص الجواب الذي يرتفع به الإشكال من أصله هو إنّ الخطأ والنسيان :
تارة : يكون كل واحد منهما ناشئا من عدم المبالاة.
واخرى : يكون حصولهما قهريا.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.