كالطيران في الهواء.
وأمّا في الآية فلا يبعد أن يراد به العذاب والعقوبة. فمعنى (لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ)(١) : لا تورد علينا ما لا نطيقه من العقوبة.
وبالجملة ، فتأييد إرادة رفع جميع الآثار بلزوم الإشكال على تقدير الاختصاص برفع المؤاخذة ضعيف جدا ، وأضعف منه وهن إرادة العموم بلزوم كثرة الإضمار ، وقلّة الإضمار أولى وهو كما ترى.
____________________________________
وثالثة : يكون حصولهما ناشئا من ترك التحفّظ.
والعقل يحكم بحسن المؤاخذة في القسم الأول ، ويحكم بقبحها في القسم الثاني ، ولا يحكم بقبح المؤاخذة على الخطأ والنسيان الصادرين من جهة ترك التحفّظ ، وكذلك لا يحكم بقبح المؤاخذة على ما لا يعلمون مع إمكان الاحتياط ، فاستوهب النبيّ صلىاللهعليهوآله عدم المؤاخذة على الخطأ والنسيان الصادرين من جهة ترك التحفّظ مع أنّها كانت ثابتة على الامم السابقة ، وكذلك (ما لا يعلمون) ، وبهذا البيان يكون رفع المؤاخذة من خواص أمّة النبيّ صلىاللهعليهوآله.
كما لا يحكم العقل بقبح المؤاخذة على ترك التكليف الشاق الناشئ عن اختيار المكلّف ، كالصوم في يوم ترك الأكل في ليله ، فرفع المؤاخذة في هذا الفرض يكون من خواصّ أمّة النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا.
نعم ، يحكم العقل بقبح المؤاخذة على ما هو غير مقدور عادة ، كالطيران في الهواء.
(وأمّا في الآية فلا يبعد أن يراد به العذاب والعقوبة) فيكون مفاد الآية ـ حينئذ ـ لا تعذّبنا عذابا لا نطيقه.
وكيف كان ، فالمتحصّل من الجميع هو أنّ تأييد إرادة رفع تمام الآثار بلزوم الإشكال ـ على تقدير الاختصاص برفع خصوص المؤاخذة ـ ضعيف جدا.
(وأضعف منه وهن إرادة العموم بلزوم كثرة الإضمار ، وقلّة الإضمار أولى وهو كما ترى).
وقد ذكر المصنّف قدسسره مؤيّدين لإرادة العموم ، أي : رفع جميع الآثار من حديث الرفع ،
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.