والحاصل أنّه ليس في (ما لا يعلمون) أثر مجعول من الشارع مترتب على الفعل لا بقيد العلم والجهل حتى يحكم الشارع بارتفاعه مع الجهل.
قلت : قد عرفت أنّ المراد برفع التكليف عدم توجيهه إلى المكلّف مع قيام المقتضي له ، سواء كان هناك دليل يثبته لو لا الرفع ، أم لا.
____________________________________
استحقاق المؤاخذة والعقاب وإن كان لا يرتفع بحديث الرفع إلّا إنّ نفس المؤاخذة ترتفع به.
وحاصل الدفع أنّ نفس المؤاخذة هي من فعل الملائكة الموكّلين لعذاب العاصين ، فلم تكن من الآثار المجعولة الشرعية حتى ترتفع بالحديث.
وبالجملة ، إنّه ليس في (ما لا يعلمون) أثر مجعول شرعي حتى يحكم الشارع برفعه بحديث الرفع في مورد الجهل.
(قلت : قد عرفت أنّ المراد برفع التكليف عدم توجيهه إلى المكلّف مع قيام المقتضي له ، سواء كان هناك دليل يثبته لو لا الرفع ، أم لا).
وحاصل الجواب أنّ المراد بالرفع هو عدم توجّه التكليف إلى المكلّف مع وجود المقتضي له ، أي : يكون المراد هو دفع تأثير المقتضي للتكليف ، فالمرتفع هو التكليف وهو مجعول شرعا ، فيجوز ارتفاعه بحديث الرفع ، فما ذكر في الإشكال ـ من أنّ المرتفع بحديث الرفع لا بدّ أن يكون مجعولا شرعا ولا يجوز أن يكون من الآثار غير المجعولة شرعا ـ صحيح ، إلّا إنّ المرتفع في المقام هو التكليف ، أي : وجوب الاحتياط.
فالمرتفع بالذات مجعول شرعا ثمّ يترتب عليه ارتفاع أمر غير مجعول وهو استحقاق العقاب ، فحينئذ لا يرد الإشكال المذكور لأنّ المرتفع بالحديث هو أمر مجعول شرعا.
وعلى أي حال ، فإن الحاصل هو أنّ المراد بالرفع هو الدفع بمعنى عدم توجّه التكليف إلى المكلّف مع وجود المقتضي له ، سواء كان هناك دليل مثبت له عليه مثل : (حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ)(١) حيث يشمل المختار والمضطر ، والمفسدة الواقعية تقتضي حرمة الميتة حتى على المضطر ، إلّا إنّ الله تعالى منّ علينا فرفع هذا التكليف عنّا في حال الاضطرار.
__________________
(١) البقرة : ١٧٣.