وحينئذ فنقول : معنى رفع أثر التحريم في (ما لا يعلمون) عدم إيجاب الاحتياط والتحفّظ فيه حتى يلزمه ترتب العقاب إذا أفضى ترك التحفّظ إلى الوقوع في الحرام الواقعي.
وكذلك الكلام في رفع أثر النسيان والخطأ ، فإنّ مرجعه إلى عدم إيجاب التحفّظ عليه ، وإلّا فليس في التكاليف ما يعمّ صورة النسيان لقبح تكليف الغافل.
والحاصل إنّ المرتفع في (ما لا يعلمون) وأشباهه ـ ممّا لا تشمله أدلّة التكليف ـ هو إيجاب التحفّظ على وجه لا يقع في مخالفة الحرام الواقعي ، ويلزمه ارتفاع العقاب واستحقاقه ، فالمرتفع أولا وبالذات أمر مجعول يترتب عليه ارتفاع أمر غير مجعول.
ونظير ذلك ما ربّما يقال في ردّ من تمسّك على عدم وجوب الإعادة على من صلّى في النجاسة ناسيا بعموم حديث الرفع من : «أنّ وجوب الإعادة وإن كان حكما شرعيّا إلّا أنّه مترتب على مخالفة المأتيّ به للمأمور به الموجب لبقاء الأمر الأول ، وهي ليست من الآثار الشرعيّة للنسيان ، وقد تقدّم أن الرواية لا تدل على رفع الآثار غير المجعولة ولا الآثار الشرعيّة المترتبة عليها ، كوجوب الإعادة فيما نحن فيه».
____________________________________
يكن في حقّه رفع أصلا).
أي : لا بمعنى الدفع وهو المنع عن تأثير المقتضي ، ولا بمعنى الرفع وهو إزالة الشيء الموجود ، وذلك لعدم المقتضي أصلا.
والحاصل من جميع ما ذكرنا هو أنّ المرتفع في (ما لا يعلمون) وغيره هو إيجاب الاحتياط والتحفّظ وهو أمر مجعول شرعا ، ولازم ذلك استحقاق العقاب عند المخالفة ، وبذلك لا يبقى مجال لما ذكر من أنّ المرتفع في (ما لا يعلمون) بالحديث لا يمكن أن يكون استحقاق العقاب لأنّه أثر عقلي.
(ونظير ذلك ما ربّما يقال في ردّ من تمسك على عدم وجوب الإعادة على من صلّى في النجاسة ناسيا بعموم حديث الرفع)
وهذا نظير ما ذكر من الإشكال بعنوان : «إن قلت» في البطلان ، وهو الإشكال على من تمسّك بعدم وجوب الإعادة على من صلّى في النجاسة ناسيا ، ولا بدّ أولا من ذكر الإشكال ، ثم بيان كونه نظيرا للإشكال السابق في البطلان.
وأمّا الإشكال فقد أشار إليه بقوله : (من : «أنّ وجوب الإعادة وإن كان شرعيا ... إلى