تطيّرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقّق) (١).
والبغي عبارة عن استعمال الحسد ، وسيأتي في رواية الخصال : (إنّ المؤمن لا يستعمل حسده) (٢). ولأجل ذلك عدّ في الدروس من الكبائر في باب الشهادات إظهار الحسد ، لا نفسه ، وفي الشرائع : «إنّ الحسد معصية ، وكذا الظن بالمؤمن ، والتظاهر بذلك قادح في العدالة».
والإنصاف أنّ في كثير من أخبار الحسد إشارة إلى ذلك.
وأمّا الطّيرة ـ بفتح الياء ، وقد يسكّن ـ وهي في الأصل التشأم بالطير ، لأنّ أكثر تشأم العرب كان به ، خصوصا الغراب. والمراد إمّا رفع المؤاخذة عليها ، ويؤيّده ما روي من : (أنّ الطّيرة شرك ، وإنّما يذهبه التوكّل) (٣) وإمّا رفع أثرها ، لأنّ الطّيرة كانت تصدّهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع.
____________________________________
أي : ويؤيّد ما ذكرناه من جعل عدم النطق قيدا للحسد ـ أيضا ـ تأخير ذكر الحسد عن الكل في بعض الأخبار ، كما هو المذكور في المتن ، فحينئذ يرجع التقييد إلى الحسد جزما. هذا خلاصة البحث حول الحسد.
(وأمّا الطّيرة ـ بفتح الياء ، وقد يسكن ـ وهي في الأصل التشأم بالطير ... إلى آخره) أي : إن الطّيرة في الأصل واللغة هو خصوص التشأم بالطّير ، ثم غلب استعمالها في مطلق التشأم سواء كان بالطّير أو بغيره ، وهذا لا كلام فيه.
وإنّما الكلام فيما هو المرفوع بحديث الرفع بالنسبة إلى الطّيرة.
إذ يمكن أن يكون المرفوع هو المؤاخذة عليها ، بمعنى أنها كانت محرمة على الأمم السابقة ، فارتفعت المؤاخذة عليها عن هذه الامّة.
(ويؤيّده ما روي من : (أن الطيرة شرك ، وإنّما يذهبه التوكّل)).
أي : يؤيّد كون الطيرة من المحرمات ما يدل على حرمتها بأنّها شرك من جهة أنّ
__________________
(١) البحار ٥٥ : ٣٢٠ / ٩.
(٢) الخصال : ٨٩ / ٢٧ ، نقله بالمعنى. الكافي ٨ : ٩٤ / ٨٦.
(٣) البحار ٥٥ : ٣٢٢ / ١٠ ، بتفاوت يسير. الوسائل ٢٢ : ٤٠٤ ، أبواب الكفارات ، ب ٣٥ ، ح ١ ، وفيه : «كفارة الطيرة التوكل».