ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : (أيّما امرئ ارتكب أمرا بجهالة فلا شيء عليه) (١).
وفيه : إنّ الظاهر من الرواية ونظائرها من قولك : فلان عمل هكذا بجهالة ، هو اعتقاد الصواب أو الغفلة عن الواقع ، فلا يعمّ صورة التردّد في كون فعله صوابا أو خطأ.
ويؤيّده : إنّ تعميم الجهالة بصورة التردّد يحوج الكلام إلى التخصيص بالشاك غير المقصّر ، وسياقه يأبى عن التخصيص ، فتأمّل.
____________________________________
عليه ، فيتعيّن حمله على عدم العموم ، وبذلك يتمّ الاستدلال.
(ومنها : قوله عليهالسلام : (أيّما امرئ ارتكب أمرا بجهالة فلا شيء عليه)).
وتقريب الاستدلال بهذه الرواية هو أنّ الإمام عليهالسلام قد نفى المؤاخذة والعقاب على ارتكاب ما لم يعلم تحريمه ، فيدل على البراءة وعدم وجوب الاحتياط.
(وفيه : إنّ الظاهر من الرواية ونظائرها من قولك : فلان عمل هكذا بجهالة ، هو اعتقاد الصواب أو الغفلة عن الواقع ، فلا يعمّ صورة التردّد في كون فعله صوابا أو خطأ).
وملخّص ما يرد على هذا الاستدلال يتضح بعد ذكر مقدمة ، وهي :
إنّ الجاهل على قسمين : أحدهما : الجاهل المركب ، وثانيهما : الجاهل البسيط ، ومحل النزاع في جريان البراءة وعدمه هو الثاني دون الأول ، لأنّ الجاهل المركّب قاطع يعمل بقطعه ، فلا يعاقب لأنّ القطع حجّة.
ومن هذه المقدمة يتضح لك أنّ الظاهر من الرواية هو الأول بقرينة كون الجهالة سببا للارتكاب ، فتكون أجنبية عن المقام ، لاختصاصها بالجهل المركب الخارج عن محل الكلام ، لا الجهل البسيط.
(ويؤيّده : إنّ تعميم الجهالة بصورة التردّد يحوج الكلام إلى التخصيص بالشاك غير المقصّر ، وسياقه يأبى عن التخصيص).
أي : وما يؤيّد ظهور الرواية في الجهل المركب هو عدم إمكان شمول الجهل لصورة الجهل البسيط وتردّد المكلف في الحكم ، إذ التعميم يوجب التخصيص في الكلام مع أنّ سياق الخبر آب عنه ، وذلك لأنّ الحكم بالمعذوريّة وعدم المؤاخذة مختصّ بالجاهل
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٧٣ / ٢٣٩. الوسائل ٨ : ٢٤٨ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٣٠ ، ح ١ ، بتفاوت فيهما.