مؤبّدا لا من حيث المؤاخذة.
ويشهد له أيضا ـ قوله عليهالسلام ـ بعد قوله : (نعم إذا انقضت عدّتها) ـ : (جاز له أن يتزوّجها) (١).
وكذا مع الجهل بأصل العدّة ، لوجوب الفحص وأصالة عدم تأثير العقد ، خصوصا مع وضوح الحكم بين المسلمين الكاشف عن تقصير الجاهل. هذا إن كان الجاهل ملتفتا شاكّا ، وإن كان غافلا أو معتقدا للجواز فهو خارج عن مسألة البراءة ، لعدم قدرته على الاحتياط ، وعليه يحمل تعليل معذوريّة الجاهل بالتحريم بقوله عليهالسلام : (لأنّه لا يقدر ... إلى آخره).
وإن كان تخصيص الجاهل بالحرمة بهذا التعليل يدلّ على قدرة الجاهل بالعدّة على الاحتياط فلا يجوز حمله على الغافل ، إلّا إنّه إشكال يرد على الرواية على كلّ تقدير.
ومحصّله لزوم التفكيك بين الجهالتين ، فتدبّر فيه وفي دفعه.
____________________________________
هذا تمام الكلام في تقريب الإشكال على الاستدلال بهذه الرواية ، ومنه ينقدح عدم تماميّة الاستدلال على البراءة بها كما تقدم.
(إلّا إنّه إشكال يرد على الرواية على كلّ تقدير).
أي : سواء كان المراد بالجهالتين ـ أي الجهالة بالحرمة ، والجهالة بالعدّة ـ شكّين ، أو جهلين مركّبين ، أو التفكيك بأن يكون المراد من الجهالة بالحرمة هو الشك.
والمراد منها بالعدّة هو الجهل المركّب أو بالعكس ، لأنّ الأوّل مستلزم للكذب ، إذ الشّاك قادر على الاحتياط ، فكيف يقول الإمام عليهالسلام : إنّه لا يقدر على الاحتياط؟! والثاني مستلزم للتعليل بعلّة مشتركة وهي قبيحة ؛ وذلك لأنّ الإمام علّل معذوريّة الجاهل بالحرمة بأنّه جاهل مركّب لا يقدر على الاحتياط مع أن الجاهل بالعدّة كذلك على الفرض ، والثالث مستلزم للتفكيك ، وكذلك الرابع كما هو واضح.
(فتدبّر فيه وفي دفعه).
وقد تقدّم الكلام في الإشكال فبقي التدبّر في دفعه ، ويمكن أن يقال في دفعه : إنّ المراد بالجهل معناه العام الشامل للمركّب والبسيط ، إلّا إن تعيين المصداق يكون بالقرينة ،
__________________
(١) الكافي ٥ : ٤٢٧ / ٣.