وبعبارة اخرى : إنّ كلّ شيء فيه الحلال والحرام عندك ، بمعنى أنّك تقسمه إلى هذين وتحكم عليه بأحدهما لا على التعيين ولا تدري المعيّن منهما ، فهو لك حلال.
فيقال حينئذ : إنّ الرواية صادقة على مثل اللحم المشترى من السوق المحتمل للمذكّى والميتة ، وعلى شرب التتن ، وعلى لحم الحمير ، إن لم نقل بوضوحه وشككنا فيه ، لأنّه يصدق على كلّ منها أنّه شىء فيه حلال وحرام عندنا ، بمعنى أنّه يجوز لنا أن نجعله مقسما لحكمين فنقول : هو إمّا حلال وإمّا حرام ، وإنّه يكون من جملة الأفعال التي يكون بعض أنواعها أو أصنافها حلالا وبعضها حراما واشتركت في أنّ الحكم الشرعي المتعلّق بها غير معلوم» انتهى.
____________________________________
النسبة بين المشتبه وبين كل من الكليّين عموما من وجه ، ولهذا يحتمل اندارجه في كل واحد منهما باعتبار مادة الاجتماع ، وعدم اندراجه في كل واحد منهما باعتبار مادة الافتراق ، فطبعا يحتمل أن يكون من الميتة ، ويحتمل أن يكون من المذكّى.
والمثال الثاني : هو كمطلق لحم الغنم حيث يكون كليّا تحته نوعان ، أي : الميتة والمذكّى ، والاشتباه باعتبار تحقّقه في ضمن بعض أفراد نوعه حيث لا يعلم تحقّقه في أيّ نوعيه ، فإذا علم تحقّقه في أحدهما لعلم حكمه.
ثم إن النسبة بين مطلق لحم الغنم وبين نوعيه عموم مطلق ، والشبهة في هذين المثالين تكون موضوعية ، حيث يكون منشأ الاشتباه فيها هو الامور الخارجية ، لا عدم النصّ أو إجماله أو تعارضه مع الآخر ، التي هي منشأ الشبهة الحكمية.
والمثال الثالث : هو كشرب التتن مثلا ، والشبهة فيه تكون حكمية. والرواية شاملة لجميع هذه الأمثلة ، فتشمل الشبهة الحكمية والموضوعية كما أشار قدسسره إلى الثاني بقوله :
(الرواية صادقة على مثل اللحم المشترى من السوق) حيث تكون الشبهة فيه موضوعية.
وإلى الأول بقوله : (وعلى شرب التتن ... إلى آخره) حيث تكون الشبهة فيه حكميّة.
(واشتركت في أنّ الحكم الشرعي المتعلّق بها غير معلوم).
أي : اشتركت الأمثلة المذكورة في أنّ الحكم الشرعي المتعلق بالامور المذكورة غير معلوم ، فيتحقّق موضوع البراءة ، فتجري في جميع الأمثلة المتقدمة.(انتهى) كلام السيد