فصار الحاصل أنّ ما اشتبه حكمه وكان محتملا لأن يكون حلالا ولأن يكون حراما فهو حلال ، سواء علم حكم كليّ فوقه أو تحته ـ بحيث لو فرض العلم باندراجه تحته أو تحقّقه في ضمنه لعلم حكمه ـ أم لا.
____________________________________
وكذلك الأعيان الخارجية تكون على قسمين :
منها : ما يتعلّق به فعل المكلّف ، كالخمر ، والميتة ، والخل ، والمذكّى ، فيتصف بالحرمة والحليّة باعتبار تعلّق فعل المكلّف به ، فيقال : إنّ شرب الخمر حرام ، وشرب الخل حلال ، وإن أكل الميتة حرام ، وأكل المذكّى حلال.
ومنها : ما لا يتعلّق به فعل المكلّف ، ككثير من الأعيان الخارجية.
ثمّ إن القسم الثاني من كلا التقسيمين المذكورين يكون خارجا عن مورد الرواية ، إذ مورد الرواية ما يحتمل فيه الحرمة والحليّة ، فما لم يتصف بهما لم يكن فيه احتمالهما.
وعلى أي حال ، فإذا عرفت هذه المقدمة يتضح لك تقريب الاستدلال بالرواية على البراءة ، حيث يكون مفادها أن كل فعل من الأفعال يكون فيه احتمال الحرمة والحليّة فهو حلال حتى يحصل العلم بأنّه حرام ، وهكذا كل عين يكون فيها احتمال الحرمة والحليّة باعتبار تعلّق فعل المكلف بها يكون حكمها في الظاهر هو الحليّة حتى يحصل العلم بأنّ حكمها هو الحرمة ، وبذلك تدل الرواية على الحليّة في مورد الاشتباه واحتمال الحرمة والحليّة ، فيكون ما علم حكمه من الحرمة أو الحليّة خارجا عن موردها. فتأمّل جيدا.
(سواء علم حكم كلّي فوقه أو تحته ـ بحيث لو فرض العلم باندراجه تحته أو تحقّقه في ضمنه لعلم حكمه ـ أم لا).
وتوضيح ما ذكره المصنّف قدسسره يحتاج إلى أمثلة ؛ منها : ما علم حكم كلّي فوقه ، ومنها : ما علم حكم كلّي تحته أي : مشتبه ، ومنها : ما لم يعلم حكمه أصلا ، كما أشار إليه بقوله : أم لا.
والمثال الأول : هو كلحم الغنم المشترى من السوق من قصّاب لا يعلم أنّه مسلم حتى يكون هذا اللحم مذكّى ، أو أنّه كافر حتى يكون ميتة؟
فيكون حكم ما فوقه ـ وهو المذكّى والميتة ـ معلوما بحيث لو اندرج تحت الأوّل كان حلالا ، ولو اندرج في الثاني كان حراما ، ولكن لم يعلم اندراجه في أحدهما معيّنا ، فتكون