والحاصل أنّ التكليف المجهول لا يصحّ لكون الغرض منه الحمل على الفعل مطلقا ، وصدور الفعل من الفاعل أحيانا لا لداعي التكليف لا يمكن أن يكون غرضا للتكليف.
واعلم أنّ هذا الدليل العقلي ـ كبعض ما تقدّم من الأدلّة النقليّة ـ معلّق على عدم تماميّة أدلّة الاحتياط فلا يثبت به إلّا الأصل في مسألة البراءة ولا يعدّ من أدلّتها بحيث يعارض أخبار الاحتياط.
____________________________________
أي : وإن لم يقم دليل خارجي على وجوب الاحتياط فنفس التكليف المشكوك لم ينفع ؛ لأنّه لا يوجب تحريك المكلّف إلى التزام الاحتياط.
والحاصل أن التكليف المجهول لا يصلح ، ولا يعقل أن يكون محرّكا للمكلّف الشاكّ نحو الفعل مطلقا : لا تعبّدا ، ولا توصّلا ، ولا احتياطا.
(وصدور الفعل من الفاعل أحيانا لا لداعي التكليف لا يمكن أن يكون غرضا للتكليف).
أي : وصدور الفعل من المكلّف اتفاقا ومن باب الصدفة من دون أن يكون التكليف المجهول محرّكا كما في المباحات لا يكون غرضا للتكليف ، بل جعل ذلك غرضا عبث لا يصدر عن العاقل فضلا عن الشارع الحكيم ، لأنّ الدعاء تحصّل في الخارج اتفاقا ، والشرب يترك كذلك سواء كان في الواقع تكليف أم لا. هذا تمام الكلام في تقريب الدليل العقلي على البراءة بكلا قسميه.
(واعلم أنّ هذا الدليل العقلي ـ كبعض ما تقدّم من الأدلة النقليّة ـ معلّق على عدم تماميّة أدلّة الاحتياط).
أي : إن قاعدة قبح العقاب بلا بيان كبعض الأدلة النقليّة معلّقة على عدم تماميّة أدلة الاحتياط ، إذ لو تمّت تلك الأدلة لكانت بيانا يرتفع بها موضوع القاعدة فكانت واردة على هذا الدليل العقلي ، فلا يكون حينئذ معارضا لأخبار الاحتياط.
* * *