وبالجملة ، فأصل البراءة أظهر عند القائلين بها والمنكرين لها من أن يحتاج إلى الاستصحاب.
ومنها : إنّ الاحتياط عسر منفيّ وجوبه.
وفيه : إنّ تعسّره ليس إلّا من حيث كثرة موارده ، فهي ممنوعة.
____________________________________
نظر العرف لا الدقة العقليّة ، فهو باق في محلّ الفرض بالمسامحة العرفيّة ، لكون بلوغ الصبي وإفاقة المجنون عند أهل العرف يكون من قبيل تغيير حالات الموضوع لا من قبيل تغيير نفس الموضوع ، فحينئذ يكون الموضوع باق في نظر أهل العرف ، وإن كان مرتفعا بالدقة العقليّة.
(ومنها : إن الاحتياط عسر منفيّ وجوبه).
ومن الوجوه غير الناهضة التي استدلّ بها على البراءة ، هو أنّ الاحتياط عسر فيكون وجوبه منفيا بما دلّ على نفي العسر والحرج في الإسلام.
(وفيه : إنّ تعسّره ليس إلّا من حيث كثرة موارده ، فهي ممنوعة).
ويرد على هذا الاستدلال هو أنّ الاحتياط ليس فيه عسر حتى ينفى وجوبه بما دلّ على نفي العسر والحرج ، وذلك لأنّ سبب العسر هو كثرة موارد الاحتياط ، وكثرة موارده ممنوعة ، ومن الواضح أنه إذا انتفى السبب ينتفي المسبّب أيضا.
وأمّا انتفاء السبب فلأجل أنّ محل النزاع إنّما هو ما لا نصّ فيه ، وهو وإن كان يختلف حكما بين الأخباريين والمجتهدين ، إلّا إنّ موارده ليست كثيرة عند كلتا الطائفتين حتى يكون الاحتياط فيها حرجيّا.
وأمّا عند الأخباريين فموارده ما ليس فيه خبر أصلا ، لأنّهم يعملون بكل خبر وإن كان ضعيفا ، فمورد الاحتياط في الشبهة التحريميّة ينحصر عندهم فيما لم يوجد نصّ فيه أصلا ، أو وجد وكان مجملا ، أو معارضا ولم يكن هناك ترجيح لأحدهما على الآخر.
ومن المعلوم أنّ هذه الموارد قليلة ليست بحيث يفضي الاحتياط فيها إلى الحرج حتى ينفى بدليل نفي الحرج.
وأمّا عند المجتهدين فلا يلزم من الاحتياط عسر ولا حرج ، وذلك لأنّهم وإن كانوا على أصناف :