أو لكون المسألة من الاعتقاديّات ، كصفات الله سبحانه ورسوله والأئمة عليهمالسلام ، كما يظهر من قوله عليهالسلام في رواية زرارة :
(لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا) (١). والتوقّف في هذه المقامات واجب.
وبعضها ظاهر في الاستحباب ، مثل قوله عليهالسلام : (أورع الناس من وقف عند الشبهة) (٢) ، وقوله عليهالسلام : (لا ورع كالوقوف عند الشبهة) (٣) ، وقول أمير المؤمنين عليهالسلام : (من ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك. والمعاصي حمى الله ، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها) (٤). وفي رواية نعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : (لكلّ ملك حمى ، وحمى الله حلاله وحرامه ، والمشتبهات بين ذلك. لو أنّ راعيا رعى إلى جانب الحمى لم يثبت غنمه أن يقع في وسطه ، فدعوا المشتبهات) (٥). وقوله عليهالسلام : (من اتّقى المشتبهات فقد استبرأ لدينه) (٦).
____________________________________
والوجه الرابع : ما أشار إليه بقوله : (أو لكون المسألة من الاعتقاديّات ، كصفات الله سبحانه).
ومن المعلوم والضروري أن الامور الاعتقادية يجب أن تكون مستندة إلى العلم والبراهين العلميّة ، فإن لم تكن كذلك لكان المضيّ فيها اقتحاما في الهلكة ، كما يظهر من قوله عليهالسلام في رواية زرارة : (لو أنّ العباد إذا جهلوا) بشيء من المعتقدات ، ولم يعرفوا طرف الحقّ (وقفوا ولم يجحدوا) ، ولم يعتقدوا (لم يكفروا).
والحاصل من جميع ما ذكر ، هو أن الوقوف في هذه المقامات المذكورة واجب عقلا وشرعا بالاتّفاق ، فيكون وجوب التوقّف في هذه الموارد خارجا عن المقام أصلا.
ثمّ إنّ القسم الثاني الذي يدلّ على استحباب الاحتياط لا يحتاج إلى الشرح ، إلّا
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٨٨ / ١٩. الوسائل ٢٧ : ١٥٨ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ١١.
(٢) الخصال ١ : ١٦ / ٥٦. الوسائل ٢٧ : ١٦٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٣٨.
(٣) نهج البلاغة : قصار الحكم ، حكمة ١١٣. الوسائل ٢٧ : ١٦١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٢٣.
(٤) الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣. الوسائل ٢٧ : ١٧٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٨.
(٥) أمالي الطوسي : ٣٨١ / ٨١٨. الوسائل ٢٧ : ١٦٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٤٥.
(٦) الذكرى : ١٣٨. غوالي اللآلئ ١ : ٣٩٤ / ٤١. الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٤.