ومنه يظهر : إنّه إن كان المشار إليه ب (هذا) هو السؤال عن حكم الواقعة ـ كما هو الثاني من شقّي الترديد ـ فإن اريد بالاحتياط فيه الافتاء بالاحتياط لم ينفع فيما نحن فيه ، وإن اريد من الاحتياط الاحتراز عن الفتوى فيها أصلا حتى بالاحتياط فكذلك.
____________________________________
لعدم المماثلة.
هذا تمام الكلام في الشقّ الأوّل من المقدّمة الاولى حيث قلنا : إنّ المشار إليه لا يخلو عن أحد أمرين ... إلى آخره.
وبقي الكلام في الأمر الثاني والشقّ الثاني ، وقد أشار إليه بقوله :
(ومنه يظهر : إنّه إن كان المشار إليه ب (هذا) هو السؤال عن حكم الواقعة ـ كما هو الثاني من شقيّ الترديد ـ).
أي : ممّا ذكر من أن ظاهر الرواية هو صورة تمكّن المكلّف من استعلام حكم الواقعة بالسؤال والتعلّم ، يظهر : إنّه إن كان المشار إليه ب(هذا) هو السؤال عن حكم الواقعة ... إلى آخره ، فإنّ ما ذكر في الرواية من قوله عليهالسلام : (فعليكم الاحتياط) لا يخلو عن أحد احتمالين :
أحدهما : أن يكون المراد بالاحتياط هو الإفتاء به. أي : فعليكم الإفتاء بالاحتياط لا بالبراءة.
وثانيهما : أن يكون المراد به هو الاحتراز عن الفتوى بالاحتياط. بمعنى : إنّه لا يجوز الإفتاء بالاحتياط ولا بالبراءة.
وعلى التقديرين لا ينفع فيما نحن فيه.
أمّا على الاحتمال الأوّل ، فلأنّ وجوب الإفتاء بالاحتياط في واقعة يتمكّن المكلّف فيها من تعلّم المسألة بالسؤال ، لا يدلّ على وجوب الإفتاء به في مسألة لا يتمكّن المكلّف فيها من الاستعلام كما هو محلّ الكلام في المقام.
وأمّا على الاحتمال الثاني ، فلأنّ الاحتراز عن الفتوى عند التمكّن من الاستعلام كما هو مورد الرواية لا يدلّ على الاحتراز عن الفتوى والتوقّف فيها عند عدم التمكّن من الاستعلام ، فيجوز أن يفتي فيه بالبراءة.
وبعبارة اخرى : إن وجوب الفتوى بالاحتياط في مورد الرواية لا ينفع في المقام ، أي : في الشبهة التحريميّة ، وذلك لأنّ المراد بالمماثلة إن كان في النوع ، فلا ربط لمورد الرواية