الثاني : أن يقال : عدم الدليل على كذا فيجب انتفاؤه ، وهذا يصحّ فيما يعلم أنّه لو كان هنا دليل لظفر به ، أمّا لا مع ذلك فيجب التوقّف ، ولا يكون ذلك الاستدلال حجّة ، ومنه القول بالإباحة ، لعدم دليل الوجوب والحظر.
الثالث : استصحاب حال الشرع ، ثمّ اختار أنّه ليس بحجّة» ، انتهى موضع الحاجة من كلامه رحمهالله.
وذكر في المعارج ، على ما حكي عنه : «إنّ الأصل خلوّ الذمّة عن الشواغل الشرعيّة ، فإذا ادّعى مدّع حكما شرعيّا جاز لخصمه أن يتمسّك في انتفائه بالبراءة الأصليّة ، فيقول : لو
____________________________________
الزائد المشكوك ، ويؤخذ بالمتيقّن وهو الربع.
والمراد من الثاني هو أنّ عدم الدليل في حكم دليل العدم ، فيجب انتفاؤه (وهذا) أي : عدم الدليل دليل العدم (يصح فيما يعلم أنّه لو كان هنا دليل لظفر به).
أي : في المسائل التي هي عامّة البلوى كشرب التتن مثلا ، لأنّ انتفاء الدليل فيما يوجب الظنّ بعدم الحكم ، وهذا بخلاف ما لم يكن كذلك ، إذ عدم الدليل فيه غير مفيد للظنّ بعدم التكليف ، فلا يكون حجّة ، ومن هنا يظهر أنّ المحقّق قدسسره لا يفصّل في البراءة ، بل يفصّل في قاعدة عدم الدليل التي جعلها قسما ثانيا من الاستصحاب ، وحينئذ تكون نسبة التفصيل في مسألة البراءة إليه غير صحيحة.
وأمّا المراد من الثالث ـ أي : استصحاب حال الشرع ـ هو استصحاب الطهارة أو النجاسة أو الحرمة أو غيرها ، فاختار عدم اعتبار هذا الاستصحاب.
فإن قلت : إنّ البحث هو في الأدلّة العقليّة ، ومن المعلوم أنّ استصحاب حال الشرع ليس من الأدلّة العقليّة ، بل هو من الأدلّة الشرعيّة ، فكيف ذكره المحقّق فيها؟
قلت : إنّ الاستصحاب عند المحقّق ومن تقدّم عليه كان من الأدلّة العقليّة ، حيث يبحث عنه من جهة حكم العقل ببقاء ما كان على ما كان ، ولم يكن هناك فرق بين استصحاب حال العقل والشرع ، والفرق بينهما أمر حادث أحدثه من بحث عن حجّية الاستصحاب من جهة الأخبار.
(وذكر في المعارج ، على ما حكي عنه : «إنّ الأصل خلوّ الذمّة عن الشواغل الشرعيّة ، فإذا ادّعى مدّع حكما شرعيّا جاز لخصمه أن يتمسّك في انتفائه بالبراءة الأصليّة ، فيقول : لو