العكس متعيّن ، لا لمجرّد قبح انتهاء التخصيص إلى الواحد ، بل لأنّ المقصود من الكلام ـ حينئذ ـ ينحصر في بيان عدم حجّيّة خبر العادل.
ولا ريب أنّ التعبير عن هذا المقصود بما يدلّ على عموم حجّيّة خبر العادل قبيح في
____________________________________
العدول ، والحكم بعدم حجّيتها وبين العكس ، أي : دخول أخبار غير السيد من أخبار العدول في المفهوم ، والحكم بحجّيتها دون خبر السيد رحمهالله ، ولا يمكن الجمع بينهما للتنافي ، فلا بدّ من إخراج أحدهما من المفهوم دفعا للتناقض ، حيث يقول المصنّف رحمهالله : (أنّ العكس متعيّن) أي : دخول سائر أخبار العدول في المفهوم ، وإخراج خبر السيد عنه يكون متعيّنا(لا لمجرّد قبح انتهاء التخصيص إلى الواحد) تعيّن العكس ، أي : إخراج خبر السيد عن المفهوم لم يكن من جهة واحدة وهي لزوم الاستهجان من جهة انتهاء التخصيص إلى الواحد ، بل يلزم الاستهجان من جهتين :
الاولى : ما تقدّم من لزوم الاستهجان من جهة تخصيص العام إلى الواحد بحسب المعنى وإن لم يكن تخصيصا مصطلحا ؛ لأنّه يكون بإلّا أو غيرها من أدوات الإخراج ، وتخصيص العام إلى الواحد قبيح ومستهجن جزما ، كقولك : أكلت كلّ رمّان في البستان ، وقد أكلت مثلا واحدا من الرمّان.
وكذلك في المقام ؛ قال تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(١) ، فأخرج بالاستثناء جميع أخبار العدول من المفهوم ، إلّا خبر السيد رحمهالله ، وكان المقصود من المفهوم هو خبر السيد فقط ، وهو قبيح ومستهجن.
الجهة الثانية : وهي بيان المقصود بلفظ دال على نقيض المقصود ، وأداء المقصود ـ كذلك ـ يكون قبيحا ومستهجنا ، وبيان ذلك في المقام :
إنّ المقصود ـ حينئذ ـ من مفهوم الآية هو عدم حجّية أخبار العدول ، وقد أفاده بمفهوم الآية الدالّ على حجّية أخبار العدول ، فمفاد المفهوم : إنّ خبر العادل حجّه ، واريد بخبر العادل خبر السيد الدالّ على عدم الحجّية.
فالحاصل من مفهوم الآية هو : بيان عدم الحجّية باللفظ الدالّ على الحجّية ، وهو قبيح
__________________
(١) الحجرات : ٦.