هو كون الأمر به للاستحباب. وحكمته أن لا يهون عليه ارتكاب المحرّمات المعلومة.
ولازم ذلك استحقاق الثواب على إطاعة أوامر الاحتياط مضافا إلى الخاصيّة المترتّبة على نفسه.
ثمّ لا فرق فيما ذكرناه من حسن الاحتياط بالترك بين أفراد المسألة حتى مورد دوران الأمر بين الاستحباب والتحريم ، بناء على أن دفع المفسدة الملزمة للترك أولى من جلب المصلحة الغير الملزمة ، وظهور الأخبار المتقدّمة في ذلك أيضا.
____________________________________
الشبهات مولويّا يدلّ على الاستحباب ، وذلك لترتّب المصالح على نفس ذلك الأمر ، وهي وصول النفس إلى مرتبة الكمال بحيث لا ترتكب الفحشاء والمنكر ، فهو كالأوامر المولويّة بالواجبات الشرعيّة موجبة لكمال النفس كما أشار إليه بقوله :
(وحكمته أن لا يهون عليه ارتكاب المحرّمات المعلومة).
فيكون المراد من المحرّمات التي يجتنب عنها باجتناب المشتبهات هي المحرّمات المعلومة لا المحرّمات المجهولة التي يتّفق الاجتناب عنها في ضمن الاجتناب عن المشتبهات ، كما هو مبنى كون الأوامر إرشاديّة. هذا تمام الكلام في المطلب الأوّل والثاني.
وبقى الكلام في المطلب الثالث ، وأشار إليه بقوله :
(ثمّ لا فرق فيما ذكرنا من حسن الاحتياط بالترك بين أفراد المسألة).
هذا الكلام من المصنّف قدسسره دفع لما قد يتوهّم من عدم حسن الاحتياط في بعض أفراد المسألة لدوران الأمر بين الاستحباب والتحريم في بعض الأفراد ، وبذلك يكون الأمر من قبيل دوران الأمر بين المحذورين ، ومن المعلوم أنّ الحكم فيه هو التخيير لا الاحتياط بالترك فقال المصنّف قدسسره دفعا لهذا التوهّم : لا فرق فيما ذكرنا من حسن الاحتياط بالترك بين أفراد المسألة.
ولتوضيح هذا الدفع نرسم لك جدولا يكشف عن الأفراد التي يقع فيها الإشكال فنقول : إن مجموع الأفراد سبعة ، حاصلة من دوران التحريم المشتبه مع الاستحباب والكراهة والإباحة ، وحاصل الجدول ما يلي :