ولا يبعد التزام ترتّب الثواب عليه ، من حيث إنّه انقياد وإطاعة حكميّة ، فيكون ـ حينئذ ـ حال الاحتياط والأمر به حال نفس الإطاعة الحقيقيّة ، والأمر بها في كون الأمر لا يزيد فيه على ما ثبت فيه من المدح أو الثواب لو لا الأمر.
هذا ، ولكنّ الظاهر من بعض الأخبار المتقدّمة ، مثل قوله عليهالسلام : (من ارتكب الشبهات نازعته نفسه إلى أن يقع في المحرمات) (١).
وقوله : (من ترك الشبهات كان لما استبان له من الإثم أترك) (٢).
وقوله : (من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه) (٣).
____________________________________
أي : يجتنب عن محارم الله المعلومة ، ثمّ قال عليهالسلام : (ويجتنب هؤلاء) (٤) أي : أموال هؤلاء الظلمة أي : بني اميّة وبني العباس. ولم يصرّح باسمهم تقيّة أو مطلق الأموال المشتبهة ، فالإمام عليهالسلام قد جعل الاجتناب عن المحرّمات المعلومة مقارنا بالاجتناب عن الشبهات ، ومن المعلوم أنّ الأمر بالاجتناب عن المحرّمات المعلومة يكون للإرشاد ، فكذلك الأمر بالاجتناب عن المشتبهات يكون للإرشاد بقرينة الاقتران بينهما في الرواية.
فالمتحصّل من جميع ما ذكر هو أنّ الأمر بنفسه وإن كان ظاهرا في كونه مولويّا ، كما أنّه ظاهر في الوجوب إلّا إنّ القرينة في المقام قامت على كونه للإرشاد كما تقدّم.
(ولا يبعد التزام ترتّب الثواب عليه ، من حيث إنّه انقياد وإطاعة حكميّة).
أي : لا يبعد الالتزام بترتّب الثواب على الأمر الإرشادي ، كالأمر المولوي من حيث كون امتثال الأمر الارشادي انقيادا وإطاعة حكميّة.
غاية الأمر ترتّب الثواب في الأمر الإرشادي ينشأ عن الإطاعة الحكميّة تفضّلا من المولى وجزاء لانقياد العبد لمولاه ، أمّا في الأمر المولوي فينبعث العبد عن الإطاعة الحقيقيّة أجرا من المولى وجزاء لعمله.
(ولكن الظاهر من بعض الأخبار المتقدّمة) في المتن ، هو كون الأمر بالاجتناب عن
__________________
(١) كنز الفوائد ١ : ٣٥٢. الوسائل ٢٧ : ١٦٩ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٥٢.
(٢) الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣. الوسائل ٢٧ : ١٧٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٨.
(٣) الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣. الوسائل ٢٧ : ١٧٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٨.
(٤) معاني الأخبار : ٢٥٢ / ١. الوسائل ٢٧ : ١٦٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٣٠.