الاشتباه.
وبالجملة ، فالمجتهدون لا ينكرون على العامل بالاحتياط ، والإفتاء بوجوبه من الأخباريّين نظير الإفتاء بالبراءة من المجتهدين ، ولا متيقّن من الأمرين في البين ، ومفاسد الالتزام بالاحتياط ليست بأقل من مفاسد ارتكاب المشتبه ، كما لا يخفى ، فما ذكره هذا الأخباري من الإنكار لم يعلم توجّهه إلى أحد ، والله العالم وهو الحاكم.
____________________________________
لأنّه يعمل بحكم عقله بقبح العقاب بلا بيان على فرض الالتفات إليه.
قوله : (والإفتاء بوجوبه من الأخباريّين نظير الإفتاء بالبراءة من المجتهدين).
دفع لما قد يتوهّم من أنّ إفتاء الأخباريّين بوجوب الاحتياط ليس من باب الاحتياط حتى يكون مخالفا للاحتياط ، بل لأدلّة الاحتياط.
وحاصل الدفع أنّ إفتاء المجتهدين بالبراءة ـ أيضا ـ يكون لأدلّة البراءة ، فيكون إفتاء الأخباريّين بوجوب الاحتياط نظير إفتاء المجتهدين بالبراءة.
قوله : (ولا متيقّن من الأمرين في البين).
دفع لما يقال : من أنّ أخذ الجاهل بما يفتي به الأخباريّون من وجوب الاحتياط أخذ بما هو المتيقّن ، وبناء على هذا يجب الأخذ به.
وحاصل الجواب قول المصنّف قدسسره : ولا متيقّن من الأمرين في البين ، وقد تقدّم تفصيله.
قوله : (ومفاسد الالتزام بالاحتياط ليست بأقل من مفاسد ارتكاب المشتبه ... إلى آخره).
دفع لما يتوهّم من أنّ الإفتاء بالاحتياط ليس إلّا من جهة السلامة عن التالي الفاسد الذي يترتّب على ارتكاب المشتبه.
وحاصل الدفع ما ذكره قدسسره في المتن.
والوجه في ذلك : إنّ بناء الدين الإسلامي على تسهيل الامور على العباد : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(١) ، وحملهم على الأثقل بوجوب الاحتياط في كلّ موارد الاشتباه يوجب التنفّر عن الدين.
(فما ذكره هذا الأخباري من الإنكار) أي : الاستفهام الانكاري (لم يعلم توجّهه إلى أحد).
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.