وإلّا فالاحتياط في ترك الفتوى.
وحينئذ فيحكم الجاهل بما يحكم به عقله ، فإن التفت إلى قبح العقاب من غير بيان لم يكن عليه بأس في ارتكاب المشتبه ، وإن لم يلتفت إليه واحتمل العقاب كان مجبولا على الالتزام بتركه ، كمن احتمل أنّ فيما يريد سلوكه من الطريق سبعا.
وعلى كلّ تقدير ، فلا ينفع قول الأخباريّين له : إنّ العقل يحكم بوجوب الاحتياط من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ، ولا قول الاصولي له : إنّ العقل يحكم بنفي البأس مع
____________________________________
والعامل بالبراءة ، فيمكن في حقّه ما ذكر ، لأنّه من أهل التسامح والتساهل في الدين ، وهيهات هيهات أن يكون أهل التسامح والتساهل ، والمراد بهم الاصوليّون في الجنة مخلدين ، وأهل الاحتياط والمراد بهم الأخباريون في النار معذبين!
والمستفاد من هذا الكلام هو أنّ الاحتياط طريق النجاة ، فيجب الالتزام به.
ويقول المصنّف قدسسره ردّا لهذا الكلام ما حاصله :
إنّه إن كان مراده ـ الجزائري ـ من حسن الاحتياط هو الاحتياط من حيث العمل ، فلا يخفى حسنه على العوام فضلا عن الفقهاء الأعلام ، لكون العمل بالاحتياط طريقا للنجاة ، ولكنه ليس محل الكلام كما لا يخفى ، وإن كان مراده هو الإفتاء بوجوب الاحتياط ، فلا إشكال في عدم حسنه ، لأنّ الإفتاء بوجوب الاحتياط مخالف للاحتياط ، لاحتمال حرمة الإفتاء بوجوبه وبذلك يدور الأمر بين الوجوب والتحريم ، فكيف يمكن الاحتياط في الإفتاء بوجوب الاحتياط؟ هذا على تقدير وجوب إفتاء العالم للجاهل (وإلّا) أي : وإن لم يثبت (فالاحتياط في ترك الفتوى).
وإذا كان الاحتياط بترك الفتوى أصلا يكون مرجع الجاهل عند العمل هو ما حكم به عقله ، فإن التفت بأنّ حكمه هو قبح العقاب من غير بيان لم يكن عليه بأس بارتكاب المشتبه ، وإن لم يلتفت إليه واحتمل العقاب في ارتكاب المشتبه كان مجبولا بترك المشتبه دفعا للضرر المحتمل.
(وعلى كل تقدير ، فلا ينفع قول الأخباريّين ... إلى آخره).
لأنّه يترك المشتبه بمقتضى حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل.
(ولا قول الاصولي ... إلى آخره).