بخوف الضرر الصادق مع الشكّ ، بل مع بعض أفراد الوهم أيضا.
لكن الانصاف إلزام العقل بدفع الضرر المشكوك فيه ، كالحكم بدفع الضرر المتيقّن كما يعلم بالوجدان عند وجود مائع محتمل السمّيّة إذا فرض تساوي الاحتمالين من جميع الوجوه ، لكن حكم العقل بوجوب دفع الضرر المتيقّن إنّما هو بملاحظة نفس الضرر الدنيوي من حيث هو ، كما يحكم بوجوب دفع الضرر الاخروي كذلك ، إلّا إنّه قد يتّحد مع الضرر الدنيوي عنوان يترتّب عليه نفع اخروي ، فلا يستقل العقل بوجوب دفعه ، ولذا لا ينكر العقل أمر الشارع بتسليم النفس للحدود والقصاص وتعريضها له في الجهاد والإكراه على القتل أو على الارتداد.
وحينئذ فالضرر الدنيوي المقطوع يجوز أن يبيحه الشارع لمصلحة ، فإباحته للضرر المشكوك لمصلحة الترخيص على العباد أو لغيرها من المصالح أولى بالجواز.
____________________________________
القريب للاحتمال ، كما أشار إليه قدسسره بقوله : (بل مع بعض أفراد الوهم أيضا).
(لكن الانصاف إلزام العقل بدفع الضرر المشكوك فيه ، كالحكم بدفع الضرر المتيقّن ... إلى آخره).
أي : إنّ العقل لا يفرّق في حكمه بوجوب دفع الضرر الدنيوي ، كالضرر الاخروي بين كونه مقطوعا ، أو مظنونا ، أو مشكوكا ، فيما إذا كان الضرر الدنيوي ممّا يعتنى به عند العقلاء ، كما أشار إليه قدسسره بقوله : (محتمل السمّيّة).
فما تقدّم من اختصاص حكم العقل بوجوب دفع الضرر المقطوع ، أو المظنون محلّ تأمل ، وحكمه بوجوب دفع الضرر الدنيوي المقطوع يكون بلحاظ ذات الضرر مع قطع النظر عن ترتّب نفع اخروي عليه.
وأمّا لو كان الضرر الدنيوي ممّا يترتّب عليه نفع اخروي ، كتحمّل الضرر في باب الجهاد وباب الإكراه على قتل الغير أو الارتداد ، وتسليم النفس لإجراء الحدّ والقصاص ، فلا يحكم العقل بوجوب دفع الضرر الدنيوي في هذه الموارد ، مع كونه مقطوعا ، وذلك لتجويز الشارع ارتكابه في هذه الموارد ، فيكون تجويزه لارتكاب الضرر المشكوك لمصلحة التسهيل على العباد أو لغيرها أولى بالجواز.
وبالجملة ، أنّ العقل يحكم بوجوب دفع الضرر غير المتدارك فقط ، ولا يحكم بوجوب