قلت : لو سلّمنا احتمال المصلحة في عدم بيان الضرر الاخروي ، إلّا إنّ قولهم عليهمالسلام : (كل شيء لك حلال) بيان لعدم الضرر الاخروي ، وأمّا الضرر الغير الاخروي فوجوب دفع المشكوك منه ممنوع ، وآية التهلكة مختصّة بمظنّة الهلاك ، وقد صرّح الفقهاء في باب المسافر بأنّ سلوك الطريق الذي يظنّ معه العطب معصية ، دون مطلق ما يحتمل فيه ذلك ، وكذا في باب التيمّم والإفطار لم يرخّصوا إلّا مع ظنّ الضرر الموجب لحرمة العبادة دون الشكّ.
نعم ، ذكر قليل من متأخّري المتأخّرين انسحاب حكم الإفطار والتيمّم مع الشكّ أيضا ، لكن لا من جهة حرمة ارتكاب مشكوك الضرر ، بل لدعوى تعلّق الحكم في الأدلّة
____________________________________
(قلت : لو سلمنا احتمال المصلحة في عدم بيان الضرر الاخروي ... إلى آخره).
وحاصل الجواب عن الشقّ الأوّل هو أنا لا نسلّم احتمال وجود المصلحة في عدم بيان الضرر الاخروي أوّلا.
وثانيا : إنّ هذا الاحتمال خارج عن المقام ، وذلك لعدم تعلّقه بالشبهة الموضوعيّة ، واختصاصه بالشبهة الحكميّة الناشئة من عدم بيان الشارع لمصلحة في عدم البيان ، ومن المعلوم أنّ الشبهة الناشئة من عدم البيان تكون حكميّة.
وثالثا : إنّ قولهم عليهمالسلام : (كلّ شيء لك حلال حتى تعرف أنّه حرام) بيان لعدم الضرر الاخروي ، ولذلك يطمئن العقل بعدم العقاب.
وأما الجواب عن الشقّ الثاني ، فقد أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله : (وأما الضرر الغير الاخروي فوجوب دفع المشكوك منه ممنوع).
إذ تقدّم عدم وجوب دفع المقطوع منه فضلا عن المشكوك منه ، وأمّا الآية فمختصّة في دفع الضرر المقطوع والمظنون دون المحتمل ، كما يظهر من فتاوى الفقهاء في باب المسافر حيث قالوا : بأنّ سلوك الطريق الذي يظنّ معه الضرر معصية. وهكذا في باب التيمّم والإفطار لم يرخصوا التيمّم مع وجود الماء ، والإفطار في شهر رمضان المبارك ، إلّا مع الظنّ بالضرر الموجب لحرمة العبادة.
(نعم ، ذكر قليل من متأخّري المتأخّرين انسحاب حكم الإفطار والتيمّم مع الشك أيضا).
إلّا إنّ هذا الحكم منهم لم يكن مبنيّا على حرمة ارتكاب مشكوك الضرر ووجوب دفع الضرر المحتمل ، وإنّما مبنيّ على خوف الضرر الصادق مع العلم والظنّ والشكّ والوهم