الثاني : إنّ ظاهر الآية وجوب الإنذار لوقوعه غاية للنّفر الواجب بمقتضى كلمة «لو لا» ، فإذا وجب الإنذار أفاد وجوب الحذر لوجهين :
أحدهما : وقوعه غاية للواجب ، فإنّ الغاية المترتّبة على فعل الواجب ممّا لا يرضى الآمر بانتفائه ، سواء كان من الأفعال المتعلّقة للتكليف أم لا ، كما في قولك : «تب لعلّك تفلح وأسلم لعلّك تدخل الجنّة» ، وقوله تعالى : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)(١).
الثاني : إنّه إذا وجب الانذار ثبت وجوب القبول وإلّا لغى الانذار.
____________________________________
انصراف الطلب إلى الوجوب ، وحينئذ إذا كان الحذر حسنا ومطلوبا لكان واجبا ، فقد ثبتت الملازمة بهذه الوجوه ، فينتج ثبوت المقدّم وهو حسن الحذر ثبوت التالي وهو وجوبه.
(الثاني : إنّ ظاهر الآية وجوب الإنذار لوقوعه غاية للنّفر الواجب بمقتضى كلمة «لو لا»).
والوجه الثاني على وجوب الحذر : إنّه يجب لو كان الإنذار واجبا فلا بدّ :
أولا : من إثبات وجوب الإنذار.
وثانيا : من بيان كيفية ترتّب وجوب الحذر عليه.
وأمّا وجوب الإنذار فلوقوعه غاية للنّفر الواجب بمقتضى كلمة «لو لا» التحضيضية الظاهرة في الإلزام والوجوب وغاية الواجب واجبة ، هذا أولا.
وثانيا : إنّ الأمر المتعلّق بالإنذار في قوله تعالى : (لِيُنْذِرُوا) ظاهر في الوجوب ، هذا وقد ثبت وجوب الإنذار بأحد الوجهين.
وأمّا كيفية ترتّب وجوب الحذر على وجوب الإنذار فلأحد وجهين ، كما أشار إليه بقوله : (لوجهين :).
الأول : إنّ الحذر قد جعل غاية للإنذار الواجب ، وغاية الواجب واجبة ، فيكون الحذر واجبا ، أمّا كونه غاية للواجب ، فمستفاد من كلمة «لعلّ» لأنها ظاهرة دائما في أنّ ما بعدها علّة غائية لما قبلها.
والثاني : إنّه إذا وجب الإنذار وجب الحذر بمعنى القبول والعمل بخبر المنذر ، وإلّا لزم
__________________
(١) طه : ٤٤.