لا يُحكم عليه ، صار كالمدّعي لبعض مشاركة له معه ، وذلك يستلزم ـ كما أشرنا إليه ـ أن يجري حكم المخلوق في الخالق أو بالعكس ، فأغوى جماعة من هذه الاُمّة وغيرها بالأوّل ، فقاسوا الخالق بالمخلوق فنزّلوه عن مرتبته ، حتّى شبّهوه بخلقه في صفات عديدة مذكورة بتفصيلها في الكتب الكلاميّة .
ومنهم : الحلوليّة (١) ، والمشبّهة (٢) ، والمجسّمة ، والجبريّة ، والقدريّة ، وبعض التناسخيّة (٣) ومن قال بالرؤية ونحوها ، سواء كانوا في هذه الاُمّة أو في الأُمم السابقة ، فإنّا قد بيّنّا سابقاً وجود هذه المذاهب فيها أيضاً .
وأغوى جماعة أيضاً بالثاني ، فقاسوا المخلوق بالخالق بأن رفعوا
__________________
(١) الحلوليّة : طائفة من المتصوّفة يرون في أنفسهم أحوالاً عجيبة ، ويتوهّمون أنّه قد حصل لهم الحلول أو الاتّحاد ، وأنّ روح الإله دارت في الأنبياء ، وهم في الجملة عشر فِرَق كلّها كانت في دولة الإسلام .
انظر : الفِرَق بين الفرق : ٢٥٤ / ١٣١ ، اعتقادات فِرَق المسلمين والمشركين للرازي : ١١٦ ، موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم ١ : ٧٠٩ ، وغيرها من كتب الكلام .
(٢) المشبّهة : وهم صنفان ، صنف شبّهوا ذات البارئ بالمخلوقات ، وصنف شبّهوا صفاته سبحانه بصفات غيره ، وكلّ صنف من هذين الصنفين يفترق إلى فِرَق شتّى .
انظر : الفرق بين الفِرَق : ٢٢٥ / ١٢٠ و١٢١ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٠٣ ، اعتقادات فِرَق المسلمين والمشركين للرازي : ٩٧ ، موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم ٢ : ١٥٤٥ ، وغيرها .
(٣) التناسخيّة أو أهل التناسخ ، الذين قالوا بتناسخ الأرواح في الأجساد ، وأنكروا المعاد الجسماني ، يقولون : إنّ النفوس الناطقة إنّما تبقى مجرّدة عن الأبدان إذا كانت كاملة بحيث لم يبق شيء من كمالاتها بالقوّة فصارت طاهرة عن جميع العلائق البدنية ، فتخلّصت ووصلت إلى عالم القدس . والقائلون بالتناسخ صنفان ، صنف من الفلاسفة ، وصنف من السمتية ، وهذان القسمان كانا قبل الإسلام ، وصنفان آخران ظهرا في دولة الإسلام ، وذهبت المانوية واليهودية إلى التناسخ أيضاً .
انظر : المقالات والفِرَق : ٤٢ / ٨٦ و٨٧ و١٨٢ ، الفرق بين الفِرَق : ٢٧٠ / ١٣٣ ، موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم ١ : ٥١١ ، وغيرها من الكتب الكلامية .