بهم ، وأحرص من جميع الوجوه عليهم .
ثمّ اعلم أيضاً أنّ الأصل في أوامر اللّه ورسوله الوجوب ، كما حقّق في محلّه ، ومع هذا أمره المذكور هاهنا يجب أن يُحمل على الوجوب قطعاً ؛ لقيام القرينة عليه ، وهي وجوب المحافظة من الوقوع في الضلال ، حتّى أنّ الحقّ وجوب المحافظة ولو كان الوقوع على سبيل الاحتمال ، مع أنّ وقوعهم في الضلال بدون ذلك الكتاب كان عنده معلوماً ؛ إذ أخبرهم مراراً بذلك في أخباره الموجودة المسلّمة الورود منه (١) ، لا سيّما الأخبار الدالّة على تفرّقهم بضعةً وسبعين فرقة ، كلّها في النار إلاّ واحدة (٢) ، وأحاديث الحوض (٣) ، وأمثالهما .
بل الحقّ أنّه كان معلوماً أيضاً على كثير من الصحابة لا سيّما الخواصّ منهم ؛ لقرائن ، منها : كونهم من رواة تلك الأخبار ، ومنها : ظهوره من القرآن أيضاً ـ كما سيأتي في محلّه ـ من قوله تعالى : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ) إلى قوله : ( انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (٤) وغير ذلك ، وأيضاً حصول النجاة من الضلال بالكتاب المذكور لا بُدّ أن يكون معلوماً عنده ، كما ينادي به قوله صلىاللهعليهوآله : «لن تضلّوا بعده» لا سيّما بلفظة «لن» التأبيديّة ؛ فالأمر
__________________
(١) في نسخة «ش» : «عنه» .
(٢) وردت هذه الرواية بألفاظ مختلفة وأسانيد متعدّدة من الخاصّة والعامّة .
انظر : كتاب سليم بن قيس ٢ : ٦٠٥ ، ٦٦٣ ، ٨٠٣ ، ٩١٣ ، الاقتصاد للطوسي : ٢١٣ ، المناقب لابن شهرآشوب ٣ : ٨٩ ، مسند أحمد ٢ : ٦٣٦ / ٨١٩٤ ، سنن أبي داوُد ٤ : ١٩٧ـ ١٩٨ / ٤٥٩٦ و٤٥٩٧ ، سنن الترمذي ٥ : ٢٥ / ٢٦٤٠ و٢٦٤١ ، جامع الاُصول ١٠ : ٣٣ / ٧٤٩٠ و٧٤٩١ .
(٣) انظر : صحيح البخاري ٨ : ١٤٨ ـ ١٤٩ ، وصحيح مسلم ٤ : ١٧٩٢ ـ ١٨٠١ / ٢٢٨٩ ـ ٢٣٠٥ ، وجامع الاُصول ١٠ : ٤٦٨ ، ٤٦٩ / ٧٩٩٤ ، و٧٩٩٨ .
(٤) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤ .