حيث قُتل أبوه زيد ، فخرج اُسامة ومعه بعض منهم ، وتخلّف جمع معتذراً بعضهم بالاشتغال في التجهيز ، وبعضهم بالتشويش من جهة النبيّ صلىاللهعليهوآله ونحو ذلك ، حتّى أنّ جمعاً منهم كرهوا تأميره ، لا سيّما من جهة حداثة سنّه ، فتكلّم النبيّ صلىاللهعليهوآله في ذلك عليهم وأوصى به إليهم وأمرهم بالتجهيز والسير معه ، وكان يقول مراراً : «أَنفِذُوا جيشَ اُسامة ، لعن اللّه من تخلّف عنه (١) » (٢) فبقي اُسامة خارج المدينة ليلحق به البقيّة وقد كان فيهم من يقول : يجب إطاعة قول النبيّ صلىاللهعليهوآله وإجابة أمره ، ومن يقول : اصبروا حتّى نشوف (٣) كيف يكون ، فجاءه الخبر من اُمّه بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد حضر موته ، فرجعوا من فورهم إلى المدينة ، فوافوا ساعة وفاته صلىاللهعليهوآله ، فركض من ركض إلى السقيفة ، فاشتغلوا بأمر الخلافة وبايعوا أبا بكر ، ثمّ لم يسر معه فيما بَعْدُ أصلاً بعض منهم أبو بكر وعمر (٤) .
ولا يخفى أنّ هذه القضية من قبيل ما مرّ في مخالفة الأمر المحتوم المؤكّد باللعن ، كما هو مسلّم ثابت ، بمحض الحكم بالرأي ومقتضى الهوى
__________________
من الأنصار ؛ حسداً منه لابن عمّه سعد بن عبادة ، مات سنة ١٢هـ .
انظر : طبقات خليفة : ٣٢٤ / ١٤٩٩ ، الاستيعاب ١ : ١٧٢ / ١٩٣ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ : ١٣٤ / ٨٣ ، تقريب التهذيب ١ : ١٠٣ / ٨٧ .
(١) في «م» : «عن جيش اُسامة» .
(٢) المغازي للواقدي ٣ : ١١١٩ ، السقيفة وفدك للجوهري : ٧٥ ، ورواه الشهرستاني في الملل والنحل ١ : ٢٣ ، والشريف الجرجاني في شرح المواقف ٨ : ٣٧٦ .
(٣) كذا وردت في نسخنا ، وهي من اللغة العامية العراقية بمعنى نرى .
(٤) انظر : أنساب الأشراف ٢ : ١١٥ ، المغازي للواقدي ٣ : ١١٧ ، الاستغاثة : ٢٥ ـ ٢٧ ، الخصال : ١٧١ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧ ، المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٢٢٦ ، الصراط المستقيم ٢ : ٢٩٦ ـ ٢٩٨ ، دلائل النبوّة للبيهقي ٧ : ٢٠٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٥٩ ـ ١٦٠ ، و١٧ : ١٨٢ ـ ١٨٣ .