واستحسان عقلهم وقياسهم ؛ إذ غاية ما أظهروا من العذر فيه التشويش من جهة مفارقة النبيّ صلىاللهعليهوآله على تلك الحالة ، وذلك محض استحسان عقلي في مقابل صريح الأمر ، كما استحسن الشيطان عدم سجوده لآدم عليهالسلام بأنّه لا يسجد لغير اللّه ، كما ذكره في الشبهة الرابعة من شُبهه السبع التي أوردناها سابقاً (١) ، وكذا ما ظهر في بدو الأمر من كراهة تأميره هو بعينه من قبيل أقيسة إبليس وتلامذته في الاستكبار عن الأمر .
وأمّا ما برز أخيراً من حكاية الخلافة والسعي فيها فهو من علائم مدخلية الهوى أيضاً ، (كما سيظهر) (٢) حتّى أنّه لو وجد أو فرض هناك سبب آخَر لكان (٣) كذلك أيضاً ؛ إذ لا أقلّ من كون مخالفة أمر الرحمن من خطوات الشيطان ، كما مرّ بيانه مبسوطاً .
لكن مع هذا صرّح الشهرستاني وكذا غيره ـ ممّن نقل هذه الحكاية والسابقة ـ بما نقلناه عنهم من كون غرض هؤلاء إقامة مراسم الدين وصلاح المسلين (٤) .
ولا يخفى أنّ هذا أيضاً ـ كما مرّ بيانه سابقاً ـ محض قول بلا هدى ، ودعوى على مقتضى الهوى ، بل إنّ الحقّ أنّ هذه (٥) القضيّة ينبغي أن تعدّ من باب صريح مخالفة أمر اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله المؤكّد باللعن بمحض الرأي الناشئ من اقتضاء الهوى ، لا سيّما الذي ترك الأمر رأساً فلم يخرج مع الجيش أخيراً ؛ إذ لا كلام ـ كما لا مِرية أيضاً ـ في عدم سقوط أوامر
__________________
(١) في ص ٩٣ .
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «ن» ، وفي «م» زيادة : «أيضاً» .
(٣) في «م» زيادة : «ذلك» .
(٤) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٣ ، شرح المواقف ٨ : ٣٧٦ .
(٥) في «م» و«ش» : «أصل» بل «هذه» .