النبيّ صلىاللهعليهوآله بموته من وجوه :
منها : كونها أمر اللّه بصريح الآيات والروايات ، لا سيّما في الأمر بالجهاد الذي من أعظم الطاعات ، خصوصاً في حقّ من كان من المأمورين بعينه كعمر بالاتّفاق وكذا أبي بكر على تصريح الأكثر ؛ إذ معلوم أنّ مثلهما من الأعيان لم يكن يتحرّك أمثال هذه الحركة إلاّ عند التعيين ، مع أنّ في رواية الحكاية تصريحاً بأنّهما مع جماعة من الأعيان كانوا معيّنين بالخروج مع الجيش ، حتّى أنّ هذا الأمر كان بحيث سألوه الرخصة عنه ولو محض تأخير أيّام ، فلم يرض أبداً ، بل أكّد عليهم بتعجيل التجهيز ولعن المتخلّف عنه (١) .
ومن موضحات القرائن ، بل الدليل القاطع على كون مبنى هذه المخالفة على الهوى لا غير ـ سوى ما مرّ ـ أنّ أوّلاً :
معلوم أنّ معظم أعيان الجيش ـ كما مرّت أساميهم ـ كانوا أهل أساس حكاية السقيفة ، وعلى أيديهم استقامت خلافة أبي بكر .
ثمّ معلوم أيضاً أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله كان عالماً ـ كما أخبر مراراً ـ بارتحاله عن الدنيا في تلك الأوقات ولو على سبيل الاحتمال ، وكان المرض أيضاً كالرسول لذلك ، ومع هذا كان عالماً أيضاً باحتياج الناس إلى تعيين الخليفة ، وأنّ لهؤلاء القوم مدخلاً في ذلك ولو في تحقّقه على نحو (٢) خاصّ ، وأنّهم إذا رحلوا عن المدينة ربّما لم يحضروا وفاته ولم يحصل ذلك كما كان الظاهر ، فلو كان يعلم أنّ إصلاح الاُمّة وقوام الدين إنّما هو فيما جرى على أيديهم من أمر الخلافة وعلائقها ، أو غير ذلك ممّا أمكن
__________________
(١) راجع ص ١٤٤ .
(٢) في «م» : «معنى» .