تجهيز خير الخليقة ، وركضاتهم إلى السقيفة ، وقالاتهم (١) في تقمّص الخلافة ، مع التأمّل فيما ترتّب عليها من المفاسد التي منها : ما نحن فيه ، كما تبيّن من حصول الاختلافات والوقوع في أنواع الضلالات ، وسيأتي غير ذلك أيضاً في محلّه من المفاسد العظام .
فتأمّل جدّاً حتّى يظهر لك مشاركة هذه القضيّة مع سابقتها في كون المخالفة في كلٍّ منهما اُمّ الفساد في هذه الاُمّة ، ومبنيّة على تمحّلات في هوى تحصيل الخلافة ، وسبباً لوقوع الناس في الضلالة ، وفي التطبيق على ما سنّه إبليس من القياس والتلبيس ، وغير ذلك حتّى الاشتراك في طرق إثبات هذه المطالب ، وكذا يظهر لك أنّ مراد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ـ كما كان في الحكاية السابقة ـ تمهيد خلافة عليّ عليهالسلام ، ودفع طمع غيره على ما بيّنّاه ، حتّى باعتراف من عمر ، كذلك هاهنا يستفاد ممّا يلوح من إرسال مثل هذا الجيش الخاصّ المشتمل على هؤلاء الجماعة المخصوصين في هذا الوقت المخصوص مع ذلك التأكيد الخاصّ في التعجيل ، وعدم تخلّف أحد ، وجِدّهم مع هذا في التخلّف ، أنّ مراد النبيّ صلىاللهعليهوآله كان منه أيضاً تمهيد خلافة عليّ عليهالسلام ، ودفع المانعين منها عن المدينة ، كما ورد التصريح بهذا في روايات أئمّة أهل البيت عليهمالسلام (٢) ؛ لما هو معلوم من عدم اقتضاء المصلحة تصريح النبيّ صلىاللهعليهوآله بما في قلبه وقلوبهم ، وإلزامهم ببعض الاُمور التي كان يعرف منهم الإجهار بالمخالفة إن لم يُدارِ معهم .
__________________
(١) القالة : هي القول الفاشي في الناس وإيقاع الخصومة والنميمة .
انظر : لسان العرب ١١ : ٥٧٤ ـ قول ـ .
(٢) انظر : الخصال ٢ : ٣٧١ / ٥٨ ، الاختصاص : ١٧٠ ، الإرشاد ١ : ١٨٠ ـ ١٨١ ، إعلام الورى ١ : ٢٦٣ ، قصص الأنبياء عليهمالسلام للراوندي : ٣٥٧ / ٤٣٢ .