وقوله : ( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ) (١) وأمثالها .
ثمّ جعل تلك القضيّة (ممّا كان) (٢) بغير أمر اللّه وجائز المخالفة رجماً بالغيب ، مع كونها هي الأمر بالجهاد الذي هو من أعظم أركان الدين وأجلّ أحكام ربّ العالمين ، لا سيّما في خصوص هذا الموضع الذي أكّده بما مرّ من التعجيل وغيره ، حتّى اللعن على من تخلّف عنه ، وهل يجوز على ذي عقل وبصيرة ـ بل على عامّة من العوام ـ أن يصدّق بصدور اللعن من مثل رسول اللّه صلىاللهعليهوآله أكمل المخلوقين ورحمة اللّه على العالمين بالنسبة إلى جمع من المؤمنين ، بل من أصحابه الكاملين بمحض أن صدر منهم ما خالف رأيه ممّا كان جائزاً لهم مخالفته (٣) فيه شرعاً ، بل راجحاً أيضاً ؛ لكون غرضهم ـ بزعم الموجّه ـ إقامة مراسم الدين ؟ !
ثمّ استند هذا الرجل في جّلّ تلك الدعاوي والفتاوى التي تبيّن حالها بما هو ـ مع سخافته ـ عين المصادرة من صدور المخالفة من اُسامة وأبي بكر وعمر ، فإنّ خلاصة مآل كلامه إلى التزام جواز مخالفة قول النبيّ صلىاللهعليهوآله وأمره مهما لم يسنده حاضراً إلى وحي خاصّ وإن أكّده بالتأكيدات الشديدة ، بل وإن احتمل احتمالاً ظاهراً قويّاً دخوله تحت الأوامر التي وردت وحياً صريحاً كالجهاد مثلاً ؛ استناداً إلى محض مخالفة بعض الصحابة له ، كما في القضيّة المذكورة ، مع وجود الآيات والروايات وغيرها الصريحة في عدم جواز المخالفة مطلقاً ، وقيام احتمال كون صدور الذي صدر جهالة ؛ لعدم عصمة الصحابي ولا كون فعله حجّة .
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ٣١ .
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «ن» .
(٣) في «م» : «من مخالفتهم له» .