وأبي ذرّ ، وحذيفة ، والمقداد ، وعمّار وأمثالهم المسلّمين في العلم والأمانة والخيريّة والاعتبار عند الرسول المختار ، فيستشيرونهم ويستفهمون ما عندهم ، فيعملون بما يستقرّ عليه قول الجميع ؛ إذ لا أقلّ من احتمال أن يكون عند بعض منهم شيء في ذلك من الكتاب أو النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما كان هذا دأبهم في سائر الاُمور ، حتّى أبي بكر وعمر في خلافتهم .
وأيّ شيء أخرج هذا من سائر الأحكام ؟ أما كان عمر يصيح ـ كما ذكرنا (١) ـ لمّا أراد النبيّ صلىاللهعليهوآله الكتابة : حسبنا كتاب اللّه ؟
أما أمرهم النبيّ صلىاللهعليهوآله بالتمسّك بالكتاب والعترة ـ كما بيّنّا ـ فأيّ شيء أنساهم عن جمع العترة والأصحاب والتمسّك بما ظهر من العترة والكتاب ؟ وأيّ شيء دلّهم على نسخ وجوب التمسّك بالكتاب والعترة ، وصيرورة حكم اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله مطلقاً أو في هذه المقدّمة مع عظمها منوطاً برأي خصوص هؤلاء الجماعة ، لا سيّما أبي بكر وعمر اللَّذَيْن هما هاهنا لا أقلّ بمنزلة المدّعي ، وفي مقام التهمة ، لا سيّما في هوى الرئاسة التي تقمّصوها ، وحسد الانتقال إلى الغير ؛ ضرورة شمولهما ما سوى المعصوم ، كما تنادي به التجربة حتّى في زهّاد الأخيار ؟
هذا ، مع دلالة ما مرّ في حكاية منع النبيّ صلىاللهعليهوآله عن الكتاب من خبر تاريخ بغداد وغيره (٢) ، وما سيأتي في شكايا عليّ عليهالسلام وغيرها على عدم إرادة الشيخين ، بل بعض آخَر أيضاً ، لا سيّما عمر ، استخلافَ عليّ عليهالسلام ، فتدبّر .
__________________
(١) في ص : ١١٦ .
(٢) تقدّم في ص ١٣١ ، هامش (٥) .