كلامٌ شافٍ من الأنبياء عليهمالسلام في جواب أقوام أنكروهم ؛ استناداً إلى كفاية الاعتماد في فهم الأشياء على الدلالات العقليّة ، وفيه قولهم : إنّ حكمة اللّه اقتضت أن يرفع بعض الناس فوق بعضٍ درجات ، وأن يصطفي منهم رجالاً يعلم بعلمه الكامل قابليّتهم لأن يطلعهم على حقائق أمره وحِكَمه ، فيلقي إليهم ويعلّمهم جميع ما هو على وفق إرادته ، ومقتضى حكمته ومصلحته ؛ ليوصلوا ذلك إلى سائر من ليس كذلك ، فيجمعوهم فيما أراد منهم على كلمة واحدة ، ويكونوا بذلك على يقين من أمرهم وبصيرة في شأنهم (١) .
وفي كتاب الشهرستاني أيضاً : أنّ اليهود قالوا : كان التوراة مشتملاً على أسفار ، وأنّ في سفر منه كان ذكر مبتدأ الخلق ، وكانت الأحكام والحدود والأحوال والقصص والمواعظ والأذكار في سفر سفر ، وأنزل اللّه على موسى الألواح على شبه مختصر ما في التوراة يشتمل على الأقسام العلمية والعملية ، كما قال عزوجل : (وَكَتَبْنَا لَهُ فِى الاْءَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ مَّوْعِظَةً) إشارة إلى تمام القسم العلمي ، (وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَىْءٍ) (٢) إشارة إلى تمام القسم العملي .
وقالوا : كان موسى عليهالسلام قد أوصى بأسرار التوراة والألواح إلى يوشع ابن نون وصيّه من بعده ، وعلّمه جميع ذلك ، وأمره أن يوصي بذلك بعده إلى شُبّر وشُبير أولاد هارون ؛ إذ الوصيّ كان هارون ، فلمّا مات قبل موسى عليهالسلام انتقلت الوصاية إلى يوشع وديعةً ليوصلها إلى مقرّها ، وهو ابنا هارون (٣) .
__________________
(١) انظر : نهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني : ٤١٧ ، وفيه مفصّلاً .
(٢) سورة الأعراف ٧ : ١٤٥ .
(٣) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١١ .