القياس من مختصره بلفظة «اختلاف اُمّتي رحمة للناس» (١) .
والظاهر أنّ مرادهم بيان ورود «اُمّتي» بدل «أصحابي» في آخر الحديث المذكور ، ولم نجده هكذا في رواية أصلاً ، حتّى أنّ السيوطي قال في جامعه : إنّ هذه العبارة ممّا ذكروها بغير سند ، ثمّ قال : ولعلّها خرجت في بعض كتب الحفّاظ التي لم تصل إلينا (٢) ، ولا يخفى تكلّفه إن كان توجيهاً لكونها بقيّة الحديث ، وإلاّ فلا يبعد أن يكون مراده ـ بل مرادهم أيضاً ـ ورودها حديثاً برأسه .
وعلى أيّ تقدير لا شكّ في اشتهار هذه العبارة الأخيرة على الألسنة اليوم اشتهاراً زائداً ، بحيث كتب بعضهم كتاباً في بيان مسائلهم المختلفة وسمّاه كتاب الرحمة في اختلاف الاُمّة ، مع ما عرفت ممّا فيها عندهم ، بل ما في أصل الحديث أيضاً ؛ ولهذا قال بعضهم : إنّ كثيراً من الأئمّة زعموا أنّ أصل الحديث لا أصل له ، حتّى أنّ بعضهم اعترض عليه : بأنّ الاختلاف لو كان رحمة لكان الاتّفاق عذاباً (٣) .
وقد روى أيضاً ما بمضمونه ابن عساكر ، وصاحب كتاب الإبانة بإسناد فيه ضعفاء أيضاً ، عن عمر ، عنه صلىاللهعليهوآله هكذا قال : «سألت ربّي فيما
__________________
الكردي الدويني النحوي الاُصولي ، وله كتب منها : المختصر ، والكافية ، والشافية ، ولد سنة ٥٧٠ هـ ، ومات سنة ٦٤٦ هـ .
انظر : وفيات الأعيان ٣ : ٢٤٨ / ٤١٣ ، سير أعلام النبلاء ٢٣ : ٢٦٤ / ١٧٥ ، العبر ٣ : ٢٥٤ ، شذرات الذهب ٥ : ٢٣٤ .
(١) حكاه عن بعضهم السخاوي في المقاصد الحسنة : ٤٧ ، والسيوطي في جامع الأحاديث ١ : ١٢٤ / ٧٠٦ ، وكذا ملاّ عليّ القاري في الأسرار المرفوعة : ١٠٨ ـ ١٠٩ / ١٧ .
(٢) جامع الأحاديث ١ : ١٢٤ / ٧٠٦ .
(٣) انظر : صحيح مسلم بشرح النووي ١١ : ٩١ ـ ٩٢ ، المقاصد الحسنة : ٤٧ .