حتّى أن لو كان منهم من أتى اُمّه علانية لكان في اُمّتي من يصنع ذلك ، وإنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين ملّة ، وتفترق اُمّتي على ثلاث وسبعين ملّة كلّهم في النّار إلاّ ملّة واحدة» ، قيل : ومن هم؟ قال : «الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي » (١) .
أقول : وإنّما قلنا هذا بمعنى ذلك ؛ لأنّ الحقّ أنّ مفاد هذه الأخبار الثلاثة شيء واحد ، وهو كون الفرقة الناجية من اقتصر في دينه على قول اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله لا غير ؛ ضرورة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وأصحابه في زمانه إنّما كانوا على هذه الطريقة فقط ولم يكن غيرها معهوداً عندهم أصلاً ، وإنّما حدث الرأي فيما بعده ، كما بيّنّاه غير مرّة فيما تقدّم مفصّلاً .
وظاهر أنّ مراد النبيّ صلىاللهعليهوآله ما عليه أصحابه في زمانه الذي هو وقت إخباره ، كما هو المتبادر أيضاً من سياق الكلام والمقام ، بل في رواية : أنّه قال : «ما أنا عليه اليوم وأصحابي» (٢) ، وهو صريح فيما ذكرناه .
وكذا معلوم أنّ هذا بعينه كان طريقة عليّ عليهالسلام وأصحابه الذين هم المتمسّكون به ، التابعون لمسلكه ، القائلون بوصايته ، كسلمان ، وأبي ذرّ ، وعمّار ، والمقداد ، ونظرائهم .
فخرج حينئذٍ عن هذه الفرقة كلّ عامل بالرأي ، تارك لاقتفاء النبيّ صلىاللهعليهوآله والوصيّ في أخذ اُمور الدين ، كما يشهد لهذا صريحاً ما مرّ سابقاً في بطلان الرأي مطلقاً (٣) ، لا سيّما ما تقدّم أيضاً من كتابي الخوارزمي والديلمي : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : «ستفترق اُمَّتي على بضع وسبعين فرقة ،
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٢٦ / ٢٦٤١ .
(٢) الضعفاء الكبير ٢ : ٢٦٢ / ٨١٥ ، فردوس الأخبار ٢ : ٩٩ / ٢١٨٠ .
(٣) انظر : ص٧٨ .