وهو خلاف ما ذهب إليه أكثر أهل السنّة من كون قول الخلفاء الثلاثة حجّةً ، وأيضاً يلزم من أنّ من قال بإمامة أبي بكر يكون خارجاً من أهل النجاة ؛ ضرورة تخلّف جمع منهم عن بيعته ولا أقلّ من سعد بن عبادة ومن معه ، كما سيأتي في محلّه .
ولا سبيل إلى الثاني أيضاً ؛ لأنّ المراد إن كان متابعةَ كلّ فرد فرد من الصحابة استحال المتابعة؛ ضرورة استحالة متابعة المتخالفين والجمع بين الأضداد .
وإن كان المراد أيّ فرد كان ، لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ؛ لعدم بيان الترجيح عند الاختلاف الواقع بينهم ، بل يرجع هذا حينئذٍ إلى الشقّ الثالث الذي لا سبيل إليه أيضاً ، حيث يلزم منه أنّ كلّ من اتّبع قول الجهّال ، بل الفسّاق من الصحابة أو المنافقين منهم ، وترك العمل بقول بعض العلماء الصالحين يكون من أهل النجاة ، وهو بديهيّ البطلان ، كما مرّ سابقاً في بيان ما رووه من قوله : «اختلاف أصحابي رحمة» (١) ، ومع هذا لا يستقيم أيضاً انحصار الناجي (٢) في واحدة .
فتعيّن الرابع ، وهو أن يكون المراد بعضاً معيّناً ، ولا شكّ حينئذٍ أن لا بُدّ أن يكون ذلك المعيّن متّصفاً بمزايا العلم والكمال ؛ لتكون متابعته وسيلةً إلى النجاة ؛ إذ لا على تقدير التساوي يلزم الترجيح من غير مرجّح ، والمخصوص بهذه الصفات هو عليّ عليهالسلام ، كما تضمّنه صريحاً الحديث الآخر (٣) . انتهى ما ذكره .
__________________
(١) المقاصد الحسنة : ٤٦ و٤٧ .
(٢) في «م» : الناجية ، وما أثبتناه من باقي النسخ .
(٣) راجع : هامش (٢) من ص ٢٢١ .