فيها التغيير والتبديل (١) والتحريف لفظاً ومعنىً ؛ ولهذا تسلّط عليهم الأجانب والجبّارون كبخت نصّر وغيره ، ووقعت بينهم مقاتلات عظيمة ، حتّى قُتل في بعض حروب بعضهم مع بعض خمسمائة ألف رجل ، وهو محاربة ياربغام بن نباط الذي خرج على ولد سليمان بن داوُد عليهماالسلام ، وتبعه تسعة من الأسباط ونصف ، وبقي مع ولد سليمان سبطان ونصف ، وكان الرجل يدعوهم إلى العكوف على عبادة كبشين صنعهما من الذهب .
ولأجل هذه الفسادات قتلوا كثيراً من الأنبياء والأوصياء ، حتّى أنّهم قتلوا سبعين نبيّاً في يوم واحد ؛ حيث كانوا يكفّرونهم ويحكمون بضلالتهم وبطلان ما كان عليه مبنى أديانهم من البدع والعقائد الفاسدة التي اتّخذوها بآرائهم ، وترك متابعة أنبيائهم .
فمن مشاهير فِرَقهم الدائرة بينهم ـ كما صرّح به الشهرستاني وغيره ـ أربع فِرَق ، هم الكبار ، وانشعبت منهم أكثر سائر الفِرَق على حسب اختلاف آرائهم في اُمرائهم واُصولهم وفروعهم .
فمنها : السامرة ، وهم من سكّان بيت المقدس وبعض القرى من أعمال مصر ، أثبتوا نبوّة موسى وهارون ويوشع بن نون عليهمالسلام ، وأنكروا نبوّة من بعدهم رأساً إلاّ نبيّاً واحداً ، وقالوا : التوراة ما بشّرت إلاّ بنبيّ واحد يأتي من بعد موسى عليهالسلام يصدّق ما بين يديه من التوراة (٢) ، ولهم أحكام لا حاجة لنا إلى ذكرها .
ومنها : العِنانيّة ، نُسبوا إلى رجل يقال له : عنان بن داوُد رأس الجالوت ، وهم يخالفون اليهود في السبت ، ويصدّقون عيسى عليهالسلام في
__________________
(١) في «م» زيادة : «والخلاف» .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١٨ .