مواعظه وإشاراته ، ويقولون : إنّه لم يخالف التوراة ، وإنّه من المتعبّدين العارفين المخلصين ، لكنّه ليس بنبيّ ، بل لم يدَّعِ النبوّة ، وإنّ الإنجيل ليس كتاباً منزلاً عليه وحياً من اللّه ، بل هو مجمع أحواله جمعه من جمعه من الحواريّين ، ويقولون : إنّ اليهود ظلموه ، حيث كذّبوه أوّلاً ولم يعرفوا بعد دعواه ، وقتلوه أخيراً ولم يعرفوا بعد محلّه ، ويقولون : إنّ المسيح ورد في التوراة فارقليطا ، وهو الرجل العالم ، فلا يدلّ على النبوة (١) ، ولهم أيضاً قواعد وأحكام تركناها .
منها : العيسويّة ، نُسبوا إلى رجل اسمه أبو عيسى ، وهم يخالفون أكثر اليهود في بعض أحكامهم ، حتّى لا يأكلون الذبائح كلّها ، ويوجبون تصديق المسيح عليهالسلام ، بل يفضّلونه على ولد آدم ، وزعم أبو عيسى أنّه نبيّ ، وأنّه رسول النبيّ المنتظر الذي هو المسيح بزعمهم ، وأنّه أرسله قبله (٢) .
ومنها : اليوذعانيّة ، نُسبوا إلى رجل يقال له : يوذعان ، وقيل : كان اسمه يهوذا (٣) ، كان في همدان ونواحيه ، وكان يحثّ على الزّهد ، ويكثر الصلاة ، وينهى عن اللحوم ، وكان يقول للتوراة : إنّ لها ظهراً وبطناً وتنزيلاً وتأويلاً ، وخالف اليهود في التشبيه ، وأصحابه تفرّقوا إلى المقاربة (٤) والموشكانية ، وأثبتوا نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله إلى العرب وسائر الناس دون اليهود (٥) ، ولهم أحكام لا حاجة إلى ذكرها ، ولكن كلّ هؤلاء وغيرهم
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١٥ بتفاوت يسير .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١٥ ـ ٢١٦ .
(٣) في النسخ المعتمدة : «يهودا» ، وما أثبتناه من المصدر .
(٤) في النسخ المعتمدة : «المقارية» ، وما أثبتناه من المصدر .
(٥) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١٦ ـ ٢١٧ .