لا ينبغي الإهمال فيه بإجمال بعض الناقلين ، ولا نتغافل عن التمويهات والتمحّلات والتوهّمات التي في نقل المخالفين ، فإنّ أكثرهم في هذا المقام ـ كما مرّ غير مرّة أنّه دأبهم في كثير من المواضع ـ أغمضوا كثيراً عن التصريح بما فيه التلويح إلى ما هو الحقّ الصحيح ، حذراً عن التضرّر بذكره ، بل كثيراً ما توهّموا في النقل فنسبوا إلى بعض المذاهب ، لا سيّما الإماميّة ما ليس فيها ، وإذا عرفت هذا ، فاستمع لما يتلى عليك ، وأعط الإنصاف حقّه حتّى يظهر الحقّ لديك :
فاعلم أوّلاً أنّ تبيان المرام في هذا المقام إنّما هو في ضمن بيان مقدّمة ونقل مطالب ثلاثة :
أمّا المقدّمة : فاعلم أنّ نقلة المذاهب قد ينسبون الفرقة الذاهبة إلى (مذهبٍ إلى) (١) أصل من اُصول ذلك المذهب ، كما يقولون : الجبريّة والمشبّهة ونحو ذلك ؛ لكون مذهبهم الجبر والتشبيه ، وقد ينسبونها إلى كبيرهم الذي قال به ، فيقولون : الأشعريّة ؛ لكون كبيرهم أبا الحسن الأشعري (٢) ، والجهميّة ؛ لكون كبيرهم جهم بن صفوان (٣) ، وهكذا .
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من «ن» .
(٢) هو عليّ بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم ، يكنّى أبا الحسن ، من نسل أبي موسى الأشعري ، كان تلميذ الجبّائي وملازماً له أربعين سنة ، ثمّ ترك الاعتزال ، وله كتب منها : اللمع ، والموجز ، وإيضاح البرهان وغيرها .
ولد سنة ٢٦٠ أو ٢٧٠ هـ ، ومات سنة ٣٣٣ هـ ، وقيل : سنة ٣٢٤ هـ .
انظر : تاريخ بغداد ١١ : ٣٤٦ / ٦١٨٩ ، الأنساب ١ : ١٦٦ ، المنتظم ١٤ : ٢٩ / ٢٤٥٩ ، وفيات الأعيان ٣ : ٢٨٤ / ٤٢٩ ، الأعلام ٤ : ٢٦٣ .
(٣) هو جهم بن صفوان السمرقندي ، يكنّى أبا محرز ، رأس الجهميّة ، كان في عسكر