لم ينقلوا عنهم ولا (١) بقدر أدنى شيخ من مشايخهم ، فكالشمس في رابعة النهار ، كما سيظهر في فصل التمسّك بالثقلين .
وبالجملة : الحقّ أنّ هؤلاء بالتلقّب بأهل البدعة والفرقة أولى وأنسب ، كما قد صرّح بعضهم بأنّ أكثر العقائد المشهورة عند عامّة هذه الفِرَق ممّا هو حادث بعد زمان الصحابة (٢) (٣) ، وستأتي أخبار منهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآله تدلّ على كونهم أهل الفرقة ؛ لكثرة الاختلاف فيهم .
وفي الحديث أنّ رجلاً سأل عليّاً عليهالسلام عن السنّة والبدعة ، فقال : «السنّة ما سنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، والبدعة ما اُحدث بعده» (٤) ، وقد مرّ ويأتي من كتب القوم ما يدلّ صريحاً على هذا ممّا رووه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، حتّى نقل الزمخشري في تفسيره عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «من مات على حبّ آل محمّد صلىاللهعليهوآله مات على السنّة والجماعة» (٥) ، وقد بيّنّا سابقاً في محلّه أنّ محبّتهم عند إطاعتهم .
ومنه يظهر أنّ اتّخاذهم هذا اللّقب من قبيل تسمية الزنجي بالكافور ، كما روى صاحب كتاب دولة الأشرار عن مالك بن أنس ، عن عمر ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال في حديث له ذمّ فيه (٦) بعض من سيأتي بعده : «السنّة عندهم بدعة والبدعة فيهم سنّة» (٧) ، الخبر .
__________________
(١) «ولا» لم ترد في «ش» و«ن» .
(٢) في «ش» و«ن» زيادة : «أيضاً» .
(٣) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٣٠ .
(٤) معاني الأخبار : ١٥٤ ـ ١٥٥ / ٣ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٢٦ / ٢٣ .
(٥) الكشّاف للزمخشري ٥ : ٤٠٦ ، وعنه القرطبي في تفسيره ١٦ : ٢٣ .
(٦) كلمة «فيه» لم ترد في «ن» .
(٧) المصدر غير متوفّر لدينا ، وروي الحديث بسند آخَر في المعجم الكبير للطبراني ١١ : ٩٩ / ١١١٦٩ ، ومجمع الزوائد ٧ : ٢٨٧ ، وجامع الأحاديث ٩ : ٢٢٥ / ٢٨١٦١ .