وكفى في هذا أنّ عامّتهم يحبوّن كثيراً من جاهر (١) بعداوته ومخالفته ومنازعته ، بل تضليله ولعنه ، كيف لا؟ وهذا معاوية قد عاداه وقاتله ولعنه هو وبنو اُميّة على رؤوس المنابر.
وبعد مسامحتهم في هذا أيضاً نقول : قد ثبت عندنا وعندهم ـ بل صار كالشمس في رابعة النهار ـ أنّ عليّاً عليهالسلام لعن معاوية وأمر أصحابه بذلك ، وأحلّ قتله ، وحكم بفسقه وكفره ونفاقه وضلاله وظلمه وكذبه (٢) . وقد لعن اللّه أيضاً الكاذبين والظالمين لا سيّما لآل محمّد عليهمالسلام ، وكذا ورد غير ذلك من اللعن وغيره عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في ذلك الرجل ، كما سيأتي في المقالة السادسة من المقصد الثاني .
ومع هذا أكثر هؤلاء الجماعة يحرّمون لعنه ، بل يحكمون بأنّه كان خيراً مؤمناً من أهل الجنّة ! ! وهل هذا إلاّ مخالفة عليّ عليهالسلام صرحياً ، بل (٣) تكذيبه أيضاً حتّى فيما وافق فيه قوله قول اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ؟ فأين المتابعة ؟ وأنّى لهم المحبّة والموافقة ؟
على أنّهم لو كانوا صادقين في متابعة عليّ عليهالسلام ومحبّته كالإماميّة لنقلوا مثلهم أخباره ، وتتبّعوا آثاره حتّى استغنوا بذلك عن غيره ، ولا أقلّ في رؤوس مسائل دينهم ، مع أنّهم لم ينقلوا عنه ، حتّى في رواياتهم إلاّ أقلّ قليل ، بل أكثر رواياتهم عن أعاديه ومن لم يكن بشأنه ، كما يظهر من ملاحظة رواياتهم .
وأمّا تركهم سائر الأوصياء من العترة ، مع اعترافهم بمزيد علمهم وكمالهم وعقلهم وصدقهم وصلاحهم وعظم شأنهم عند اللّه ، بحيث
__________________
(١) في «س» و«ش» و«ن» : «ممّن أجهر» .
(٢) الإيضاح لابن شاذان : ٦٣ ، وفيه : ورد لعن عليّ عليهالسلام لمعاوية .
(٣) في «م» : «وتكذيبه» .