فعلى هذا إن ادّعى هؤلاء الذين اتّخذوا هذا اللقب لأنفسهم أنّهم على هذه الطريقة كذبوا صريحاً ؛ إذ أوّل ما يكذّبهم أنّه كالشمس في الظهور كون مدار هؤلاء على الآراء والأقيسة ، التي تبيّن أنّها من سنّة إبليس ومادّة الاختلاف والضلال ، وأنّ حكم اللّه منزّه عن ذلك ، حتّى أنّهم معترفون بأنّ أكثر المقالات الدائرة بينهم حدثت فيما بَعْدُ بحسب الرأي ، وصارت سبب الاختلاف ، وإلاّ لم يكن خلاف في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله ولا اختلاف .
فإن زعموا أنّ استعمال الرأي عندهم إنّما هو بعد عدم وجدان الدليل من الكتاب والسنّة .
قلنا : بعد تسليم صدق دعواهم هذا ـ إذ قرائن كذبه كثيرة لا حاجة إلى الإطالة بذكرها ، لو اتّبعتم عليّاً عليهالسلام من كلّ جهة لم يكن هذا أيضاً ، لما هو بيّن ـ وظهر وسيتّضح أيضاً ـ من علم عليّ عليهالسلام بكلّ ذلك من اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ؛ ولهذا ليس بين من اتّبعه وأوصيائه كالإماميّة اختلاف ، ولا لهم إلى الرأي احتياج ، كما هو معلوم على من تتبّع اُصول عقائدهم المأخوذة عن أئمّتهم .
فإن قالوا : نحن لا نخالف عليّاً عليهالسلام أصلاً فيما وصل منه إلينا .
قلنا : هذا أيضاً كذب صريح ؛ إذ لا أقلّ من أنّ كتبهم مشحونة بأشياء كثيرة منه عليهالسلام في العقائد وغيرها ، وهم لم يعبأوا بها ، بل خالفوها صريحاً وإن وافقت الآيات والأخبار النبويّة أيضاً بمحض عدم موافقتها لآرائهم الناقصة التي من سنّة إبليس ومشوبة بما يوافق هواهم .
__________________
الأنوار ٣٢ : ٢٥٧ / ١٩٩ ، كنز العمّال ١٦ : ١٨٣ / ٤٤٢١٦ وفيها بتفاوت يسير ، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ١ : ٣٥٨ / ١١٨ .