أتباع جبّاري كلّ نبيّ كانوا يلقّبون أتباع الأنبياء والأوصياء بهذا اللقب ، حتّى ورد صريحاً أنّهم قالوا لشيعتهم : إنّكم رفضتم الباطل وتمسّكتم بكتاب اللّه وعترة نبيّكم كما أمركم به ، وهؤلاء رفضوا الحقّ وهو إطاعة عليّ عليهالسلام والتمسّك بالعترة ، بل محكمات الكتاب أيضاً ، وتمسّكوا بمتابعة آراء كبرائهم وأسلافهم .
وقد ذكر الشهرستاني وغيره من نقلة المذاهب : أنّ جماعة من شيعة الكوفة لمّا خرج زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام (١) رفضوه وتركوا إطاعته والخروج معه ، وقالوا : إنّه خالف مذهب آبائه وتابع آراء واصل بن عطاء ، ولم يتبرّأ من الذي تبرّؤوا منه ، ولم يطع أخاه الباقر عليهالسلام ؛ فلهذا سمّوا رافضة (٢) ، وهذا أيضاً مؤيّد لكون أصل وجه التسمية تركهم الباطل .
لكنّ الحقّ أنّ نقل هذه الحكاية بهذا النحو من التعبير لا يخلو من نوع تمويه وتحريف ؛ فإنّ الذي هو صريح كلام الذين فارقوا زيداً أنّ سبب المفارقة لم يكن إلاّ أنّهم زعموا أنّه يدّعي الإمامة لنفسه ، وأنّ ذلك علّة
__________________
(١) هو زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ أمير المؤمنين صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين ، يكنّى أبا الحسين ، نشأ في حجر أبيه السجّاد ، ثمّ لازم أخاه الباقر وابنه الصادق عليهمالسلام ، وكان عابداً ورعاً فقيهاً سخيّاً شجاعاً ، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وقد قتله هشام الاُموي على يد يوسف بن عمر الثقفي والي العراق ، ثمّ صلبوه في منطقة الكناسة بالكوفة لمدّة أربع سنوات ، وكانت شهادته سنة ١٢٢هـ .
انظر : الإرشاد للمفيد ٢ : ١٧١ ، رجال الطوسي : ١١٣ / ١١٢٦ ، منهج المقال : ١٥٤ ، الطبقات لابن سعد ٥ : ٣٢٥ ، وفيات الأعيان ٥ : ١٢٢ / ٢٢٧ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ٣٨٩ / ١٧٨ .
(٢) انظر : الفرق بين الفِرَق : ٣٤ ـ ٣٧ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٥٥ ـ ١٥٦ .