صفات الفعل (١) ، حتّى أنّ جمعاً من هؤلاء الطوائف نسبوا مذهبهم المذكور (٢) إلى أكثر سلفهم من الصحابة والتابعين ؛ ولهذا أشرنا سابقاً إلى أنّ الظاهر أنّ هؤلاء لأجل هذا خصّوا أنفسهم بأهل السنّة والجماعة ، بل إنّهم ادّعوا أيضاً على سلفهم : أنّهم كانوا يثبتون له تعالى صفات اُخرى أيضاً ، مثل اليدين والوجه ونحو ذلك؛ بناءً على ظواهر بعض الآيات والأخبار ، وأنّهم كانوا يقولون بالرؤية؛ ولهذا قال عامّتهم بهذا أيضاً وصاروا مشبّهةً حقيقةً ، كما مرّ أنّه مذهب جماعة من اليهود .
إلاّ أنّ منهم من رجع فقال : إنّا عرفنا بمقتضى العقل أنّ اللّه تعالى ليس كمثله شيء فقلنا بذلك ، إلاّ أنّا لا نعرف معنى اللفظ الوارد في تلك الآيات والأخبار (٣) .
ومنهم : من أوّلها لكن بما يرجع إلى التشبيه أيضاً (٤) ، كما هو مذكور في كتبهم .
ومنهم : من قال : لا بدّ من إجرائها على ظاهرها من غير تعرّض للتأويل ، وهم المشبّهة الصرفة عندهم (٥) .
وقد أشرنا (٦) أيضاً إلى أنّ من مذهب هؤلاء ـ حيث نفوا استقلال العبد في الفعل ـ كون جميع أفعال العباد بالقضاء الحتم والقدر اللازم ، وأنّه
__________________
(١) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٤٩ .
(٢) في «م» : «المشهور» ، بدل «المذكور» .
(٣) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٩٢ .
(٤) المصدر السابق ، بتفاوت .
(٥) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٩٣ .
(٦) في «م» زيادة : «سابقاً» .