أو لم يَكن لإلهي في جِنايتِها |
|
ذَنبٌ فَما الذنبُ إلاَّ ذنبُ جانيها (١) |
وقد روي أنّ بعض أهل العدل وقف على جماعة من المجبّرة ، فقال لهم : أنا ما أعرف المجادلة والإطالة ، ولكنّي أسمع في القرآن قوله تعالى : ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ) (٢) ومفهوم هذا الكلام عند كلّ عاقل أنّ الموقد للنار غير اللّه ، وأنّ المطفئ للنار هو اللّه ، فكيف تقبل العقول أنّ الكلّ منه ، وأنّ الموقد للنار هو المطفئ لها ؟ ! فانقطعوا ولم يردّوا جواباً (٣) .
وقال عدليٌّ أيضاً للمجبّر : إنّ اللّه تعالى حكى في كتابه عن أهل المعاصي أنّهم يقولون في القيامة : ( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) (٤) ، وكذا يقولون في النار : ( رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا ) (٥) وأمثال ذلك من الآيات ، فلو كان كما تقولون فعلى من كانوا يدعون ؟ ولمن يلعنون ؟ ومن الذي يجعلون تحت أقدامهم ؟ وعلى من هذا التظلّم وممّن هذا التألّم ؟ (٦) .
نعم ، لو كنتم على بصيرة لعرفتم أنّكم من جملة مصداق هذه الآيات ؛ حيث ادّعيتم أنّ مذهبكم هذا أخذتموه من بعض سلفكم الذين
__________________
(١) لم نعثر على قائله ، وانظر : مصادر هامش ٢ ص٢٨١ .
(٢) سورة المائدة ٥ : ٦٤ .
(٣) الطرائف ٢ : ٢٣ .
(٤) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦٧ ـ ٦٨ .
(٥) سورة فصّلت ٤١ : ٢٩ .
(٦) الطرائف ٢ : ١٠ ـ ١١ .