قال فممّن الباطل ؟ قال : من اللّه .
فقال له : فمن هو المبطل ؟ فانقطع ولم يحر جواباً (١) .
ونقل أيضاً أنّ جبريّاً استأذن من المأمون أن يناظر ثمامة ـ وكان عدليّاً ـ فأذن له ، فحرّك الجبريّ يده وقال : من حرّك هذه ؟ فقال ثمامة : حرّكها مَنْ اُمّه زانية ، فقال الجبريّ : شتمني يا مأمون في مجلسك ! فقال ثمامة : ترك هذا مذهبه يا مأمون ؛ لأنّه زعم أنّ اللّه حرّكها فلأيّ سبب غضب وليس للّه اُمّ ؟ فانقطع الجبريّ (٢) .
وأمثال هذه المَلازم على المجبّرة كثيرة بحيث لا يمكن إحصاؤها .
وقد ذكر بعض العلماء ما يزيد على سبعين نقضاً بيّناً واضحاً ليس هاهنا موضع ذكرها ، حتّى أنّه ذكر منها : أنّه يلزم على مذهبهم انقطاع حجّة الأنبياء عليهمالسلام ؛ لأنّ النبيّ إذا قال للكافر : آمِن بي لما أظهره اللّه من المعجزة على يدي ، يقول الكافر : إذا جاز أن يخلق اللّه فيّ الكفر ويعذّبني من غير جرم ، فلِمَ لا يجوز أن يُظهر المعجزة في يدك وأنت كاذب ؟
وبعبارة اُخرى ، يقول الكافر للنبيّ حين دعوته : قل للّذي بعثك يخلق فيّ الإيمان والقدرة المؤثّرة فيه حتّى أتمكّن من الإيمان واُؤمن بك ، وإلاّ فكيف تكلّفني الإيمان ولا قدرة لي عليه ، بل خلق فيَّ الكفر وأنا لا أتمكن من مقاهرة اللّه تعالى ؟
ومن العجائب أنّ المجبّرة زعموا أنّ اعتقاد كون أفعال العباد منهم مستلزم لكون العباد شركاء للّه ، وأنّ تعظيم الإله يقتضي أن تكون الأفعال
__________________
(١) الطرائف ٢ : ٢٤ ، الصراط المستقيم ٣ : ٦٠ ـ ٦١ .
(٢) الطرائف ٢ : ٣٣ ، الصراط المستقيم ٣ : ٥٩ .