بل إنّما عمدة علّة ذلك إرادتهم بيان بطلان أكثر المسائل ـ التي هي مختار مخالفيهم ـ على النهج ، الذي هو المعمول فيهم ، دفاعاً عن أنفسهم ما كان به يطعن بعض مخالفيهم عليهم ، حيث صرّح بأنّ الإماميّة إنّما التجأوا إلى ما ادّعوه من انحصار الحجّيّة فيما كان وارداً من الشارع سمعاً ، لأجل عجزهم ـ بسبب قلّة قوّة عقلهم وفكرهم ـ عن استنباط المسائل عقلاً ، وإسكات الخصم وردّه بمثل ما استدلّ به ممّا جعله عليهم حجّة ، فسهّلوا الأمر على أنفسهم في كلّ مسألة بنقل رواية ولو لم يجدوا لما نقلوه أصلاً ؛ فلهذا جرى هؤلاء الرهط في أكثر الأدلّة على تلك الطريقة ليبيّنوا كذب تلك النسبة على من ربّما يتوهّم صدق تلك الفرية .
ولا يخفى أنّ من هذا يظهر وجه ما ذكرناه سابقاً أيضاً من وجدان بعض المكالمات الخياليّة ، والمناظرات العقليّة في بعض من كتب الإماميّة لا سيّما في المسائل الاُصوليّة ، (فإنّ الوجه فيه ما ذكرناه هاهنا ، لا سيّما الوجه الأخير ؛ إذ كثيراً ما يحتاج الإنسان في إسكات الخصم وإلزامه وردّ شُبهه إلى التكلّم معه بما هو من الطرق التي هي المقبولة عنده وإن كان أصل اعتماد المتكلّم على غيره) (١) ، فافهم ولا تتوهّم .
وبالجملة : خلاصة ما أشرنا إليه من مذهب الإماميّة أنّهم يقولون : إذا ثبتت نبوّة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله (وصدق كلامه) (٢) وكتابه بالمعجزات وغيرها ممّا سيأتي ، وكذا وصاية المعلومين من آله وإمامتهم ، وكون قولهم حجّةً كقوله ـ كما سيظهر أيضاً ـ كفانا ما ثبت عنهم عندنا (حتّى في التوحيد
__________________
(١) ما بين القوسين مشطوب عليه في «س» .
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «ن» .